عرض مشاركة واحدة

قديم 16-09-09, 05:08 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي الاستراتيجية العسكرية لحرب أكتوبر



 

الحقيقة أن هذه الحرب، رغم كثرة ما كتب عنها من مقالات ودراسات مازالت تتطلب المزيد، لما أحدثه من متغيرات استراتيجية في هذه المنطقة والعالم، ولما استندت عليه من أسس ونظريات علمية تدعو إلى التأمل والتركيز ولما أبرزته من دروس وأساليب عسكرية جديدة تستحق البحث والتقييم.
لقد تحدت هذه الحرب الكثير من العقائد والنظريات، وتغلبت على الكثير من العقبات والمشاكل، فعلى المستوى الاستراتيجي هزت العقائد والنظريات التي اعتنقتها إسرائيل فحطمت نظرية الأمن الإسرائيلي واهدرت النظرية الوقائية.

وعلى المستوى التعبوي والتكتيكي تغلبت على أعقد الموانع المائية، وأقوى الدفاعات المحصنة ودارت فيها معارك عنيفة اشتركت فيها قوات بحجم ونوع وتسليح لم يسبق حدوثه في المنطقة وعلى المستوى الاستراتيجي والتعبوي والتكتيكي حققت المفاجأة بعد أن خدعت أحدث وسائل المخابرات المعادية، وعلى المستوى المعنوي عبرنا من خلالها هزيمة يونيو 1967، بكل أبعادها المريرة ، وسوف أقسم حديثي إلى ثلاثة أقسام وهي:
1- الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.
ب- الاستراتيجية العسكرية المصرية لحرب اكتوبر 1973.
ج- النتائج والدروس الاستراتيجية عن الحرب
القسم الأول:
الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية
إن الدراسة المتعمقة للاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية توضح لنا أن الصهيونية العالمية حددت لنفسها هدفا أساسيا، أنشأت إسرائيل لتحقيقه من خلال وجود دولة يهودية في منطقة الشرق الأوسط، تجمع يهود العالم داخل أقصى حدود يمكن التوسع فيها للسيطرة على المنطقة العربية وتحتل مكانا بارزا في المجال الدولي.
ولتنفيذ هذا الهدف، أرست الصهيونية الخطوط الرئيسية الثابتة لسياسة إسرائيل وهي:
أ- التوسع الجغرافي التدريجي على حساب الأرض العربية.
ب- الاحتفاظ بقوة مسلحة متفوقة تكون هدفا ووسيلة.
ج- الارتباط بقوى دولية كبرى كحليف مضمون يعاونها في تحقيق أهدافها المرحلية.
د- إضعاف وتبديد الطاقات العربية.
وأدارت إسرائيل صراعها مع العرب- منذ نشأتها- لتحقيق هذا الهدف النهائي بوضع أهداف مرحلية. طبقا لما يمكن أن يتحقق في كل مرحلة بموازنة الاعتبارات الداخلية فيها والموقف في المنطقة العربية والموقف الدولي.
واهتدت العقلية الصهيونية إلى صياغة نظرية عسكرية أطلقت عليها اسم "نظرية الأمن الإسرائيلي" لتكون ستاراً لتحقيق أهداف إسرائيل التوسعية ووسيلة لخداع الرأي العام العالمي، وخلق اقتناع لدى الإسرائيليين لتقبل مغامراتها العسكرية المتتالية. وهنا أود أن أوضح أن استخدام القوة العسكرية هو حجر الزاوية في هذه النظرية، ووضعت إسرائيل استراتيجية استخدامها على أساس ثلاثة مبادئ رئيسية هي:
العمل الهجومي، والحرب الخاطفة، ونقل القتال إلى أرض العدو تحت ستار ما سمته بالحرب الوقائية، الأمر الذي يحقق لها مطامعها التوسعية ولذلك نظم الجيش الإسرائيلي على أساس قوة ضاربة تعتمد أساسا على القوات البرية والقوات المدرعة.
وفي أعقاب حرب يونيو 1967 التي وصلت فيها إلى قناة السويس ونهر الأردن والجولان تضاعفت المساحات التي يجب عليها تأمينها وامتدت خطوط المواجهة وطالت خطوط المواصلات وأصبح الوضع الاستراتيجي عبئا عسكريا على إسرائيل، ولكنها في سبيل الاحتفاظ بالأرض العربية اعتبرت أن خطوط 1967 وهي قناة السويس في الجبهة المصرية تمثل أفضل الأوضاع لتحقيق امن إسرائيل وكان اتخاذها لأوضاع دفاعية ثابتة بداية لسلسلة من الأخطاء الاستراتيجية العسكرية. فعندما لم تهدأ الجبهة المصرية عسكريا بعد حرب يونيو كما كانت تتوقع ودخلت مصر ضدها في حرب استنزاف استمرت حوالي عامين وبرزت قوة النيران المصرية تكبد إسرائيل خسائر كبيرة في الأرواح كان رد الفعل هو إقامة الحصينات والدفاعات والموانع والسواتر الترابية العالية وإنشاء نظام دفاعي أطلقت عليه اسم خط بارليف وآمنت بمناعته وزاد من الأخطاء العسكرية لإسرائيل. ما عكسه الانتصار الذي أحرزته عام 1967 وهو انتصار حققته نتيجة لأخطائنا وليس لقدرة إسرائيل غير العادية فقد رسخ ذلك في فكر ونفسية القادة، وللقيادات معتقدات آمنوا بها، أذكر منها:
أ- عدم قدرة مصر وهي الجبهة الرئيسية على القيام بأي هجوم شامل وإن أي محاولة مصرية حتى للحصول على موطئ قدم على الضفة الشرقية للقناة سوف يقضى عليها فورا، وكان هذا خطأ في تقييم القدرات العسكرية المصرية وليس أدل على ذلك من الفشل الإسرائيلي الكامل أمام القوات المصرية يوم 6 أكتوبر 1973.
ب- اعتقادها في عدم إمكان تنسيق أي هجوم على أكثر من جبهة وكان ذلك هو الآخر خطأ استراتيجيا كانت نتيجته أن فقدت إسرائيل الاتزان الاستراتيجي وتعرضت لخسائر فادحة.
ج- الغرور القاتل الذي أصاب قادة إسرائيل لأنهم يملكون التفوق المطلق وليس أمام مصر سوى الاستسلام لشروط إسرائيل تحت وقع الهزيمة العسكرية.
الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على الجبهة المصرية قبل أكتوبر 73
أ- وهكذا أصبحت الاستراتيجية العسكرية ت الإسرائيلية على الجبهة المصرية تعتمد على الأسس التالية قبل أكتوبر 1973:
*التفوق العسكري الإسرائيلي الذي يمنع مصر من التفكير في شن الحرب وخلق إحساس لديها بالعجز من مواجهة القوات الإسرائيلية.
*إن خط قناة السويس هو أنسب "الحدود الآمنة" باعتبار قناة السويس مانعا فريدا في نوعه يسهل الدفاع عنه بينما يتعذر على المصريين اقتحامه.
*إحباط تحضيراتنا للهجوم وذلك بالسبق في توجيه الضربة الأولى عند ظهور أي نوايا هجومية مصرية بالاعتماد أساسا على قوات جوية متفوقة تمثل أداة الردع والذراع الطويلة.
*كما تعتمد على قواتها المدرعة وقوات الاقتحام الجوي لتدمير أي قوات مصرية تحاول اقتحام القناة أو تنجح في عبورها.
*وتمشيا مع نظرية الحدود الآمنة، فقد ركزت جهودها للسيطرة على المضايق البحرية بمنطقة شرم الشيخ لتأمين خطوط مواصلاتها البحرية إلى البحر الأحمر.
*يخدم كل ماسبق نظام ممتاز للمخابرات قادر على اكتشاف أي نوايا هجومية قبل وقوعها بوقت كاف يسمح للقوات بالاستعداد للقتال والحشد وتنفيذ التعبئة بنظام جيد وضع للتعبئة الشاملة.
ب- تلك كانت أسس الاستراتيجية الإسرائيلية وأسلوبها التطبيقي بعد عام 1967، وطوال الفترة من 1967 حتى 1973 رفضت إسرائيل جميع الحلول السلمية لأنها انتشت بنصرها في عام 1967 واعتمدت على قواتها العسكرية وأخذت تعتدي على جيرانها العرب تارة باستخدام القوة المسلحة كوسيلة للردع المادي وتارة أخرى بالتلويح بها تحقيقا للردع المعنوي والسياسي وأطلقت في العالم دعايات ذكية أن العرب جثة هامدة وأن العرب وفي مقدمتهم مصر لن تقوم لهم قائمة وبذلك سدت كل الأبواب أمام أي حل سلمي عاجل. ففرضت الحرب حتميتها ولم يبق أمامنا إلا الصراع المسلح.
القسم الثاني:
الاستراتيجية العسكرية المصرية لحرب أكتوبر
*طبيعة وشكل الحرب
ورغم أن حربنا مع إسرائيل هي حرب عادلة، لأنها قامت لاسترداد الحق، إلا انه لم يكن غائبا عن الذهن قيود وحدود الصراع المسلح في ظروف العصر، فهي حرب تدور في موقف عالمي بالغ التعقيد، قائم على ضوابط التوازن النووي، وسياسة الوفاق بين القوتين الأعظم اللتين فرضتا الاسترخاء العسكري في المنطقة، مع تناقض اهتماماتهما السياسية والاستراتيجية في منطقة الصراع من خلال هذا المفهوم، كان لا بد من وضع استراتيجية عليا تحسب الخطوات وتحدد مسارها وآثارها وردود فعلها في المنطقة العربية وفي العالم بعد أن فرض الموقف الدولي أسلوبا خاصاً في إدارة الصراع المسلح في المنطقة، قيد شكله ومداه.
وبناء على ذلك تم التخطيط لحرب اكتوبر سنة 1973 على أنها محلية شاملة تستخدم فيها الأسلحة التقليدية فقط ويكون لها أهداف استراتيجية حاسمة بحيث تقلب الموازين في المنطقة لتهدم نظريات إسرائيل ودعائم استراتيجيتها وتمتد زمنيا لفترة تتيح تدخل الطاقات العربية الأخرى لتفرض ثقلها على نتائج الحرب.
وتحقيقا لذلك كان من ضمن أهداف الاستراتيجية العليا للدولة تحدي نظرية الأمن الإسرائيلي وذلك عن طريق عمل عسكري يكون هدفه إلحاق أكبر قدر من الخسائر بالعدو وإقناعه أن مواصلة احتلاله لأرضنا يفرض عليه ثمنا لا يستطيع دفعه وبالتالي فإن نظريته في الأمن القائمة على أساس التخويف النفسي والسياسي والعسكري ليست درعا من الفولاذ تحمية الآن أو في المستقبل.
الاعتبارات الرئيسية
التي بنيت عليها استراتيجة الحرب
بعد أن استعرضنا طبيعة مشاكل الحرب المحلية في عصرنا الحاضر سأوضح الاعتبارات الرئيسية التي بنيت عليها الاستراتيجية المصرية لحرب أكتوبر والذي أريد أن أؤكده منذ البداية أنها استراتيجية مصرية صميمة لم تستورد من الشرق أو الغرب، صنعت من واقع مرير عاشته مصر والأمة العربية بعد هزيمة 1967، ثم غذتها وأغنتها بمتابعة التقدم العلمي والتكنولوجي العسكري العالمي وصاغتها من العرق والدم من دروس الحروب السابقة وسأكتفي بأربعة فقط من الأسس التي بنيت عليها العسكرية المصرية:

 

 


 

   

رد مع اقتباس