عرض مشاركة واحدة

قديم 31-03-09, 07:17 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أهمية المضيق الاقتصادية

بالنظر إلى أن المضايق في عمومها هي ممرات تصل بين منطقة وأخرى، فهي بهذا المعنى تعني أنها لا بديل لها على الأقل، فضلاً عن أنها أقصر الطرق وأوفرها بالتالي من حيث الجهد والمال والوقت في عملية النقل بين نقطتين، ويزداد هذا المعنى أهمية بالنظر إلى التاريخ الاقتصادي المعروف لمنطقة الخليج، والذي لم يكن له أن يقوم ويزدهر إلاّ من خلال مياه المضيق وحرية العبور فيه دون عوائق.

وهناك الكثير من التقديرات بشأن الأهمية الاقتصادية للمضيق، لكن لا يسعنا إلاّ أن نشير إلى بعض الاعتبارات المهمة في هذا الصدد؛ فمنطقة الخليج العربي تسيطر على محيط نفطي لا حدود له يحوي (730) مليار برميل، وتقول إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن إمدادات النفط عبر المضيق تشكِّل نحو (40%) من إجمالي المعروض النفطي المتداول عالمياً، أو بما يقدّر بنحو (4،13) مليون برميل يومياً من الخام (كان قبل تخفيضات أوبك يتراوح بين 16 و 17 مليون برميل يومياً)، فضلاً عن مليوني برميل إضافية من المشتقات النفطية، وهو ما يعني أن حوالي (90%) من صادرات نفط دول الخليج تمر عبر المضيق، أما الحمولات على ظهر الحاويات المارة فتقدَّر ب (9،2) مليار طن، منها: (27%) خام النفط، و (2%) من السلع الأوّلية، مثل: (الحبوب، والحديد، والأسمنت)، و (20%) من السلع تامة الصنع.
ونظراً لارتباط اقتصاديات دول المنطقة بالنفط، فإن أي احتمال بإغلاق المضيق لأي سبب سوف يلقي بظلاله على (88%) من الصادرات النفطية السعودية، و (98%) من الصادرات النفطية العراقية، و (99%) من الصادرات النفطية الإماراتية، و (100%) من الصادرات النفطية لكل من قطر والكويت، هذا فضلاً بالطبع عن (90%) من الصادرات النفطية الإيرانية.

الأخطر من ذلك هو ارتباط كبريات الدول بالصادرات النفطية المارة بهذا المضيق، والتي ستكون على استعداد للتدخّل والتضحية بأي شكل إذا ما تعرّض أمنها الاقتصادي، ومن ثم السياسي، للتهديد في حال إغلاقه، فالولايات المتحدة تحصل على (14%) من هذا النفط أو ما يقَّدر ب (18%) من احتياجاتها النفطية، واليابان تحصل هي الأخرى على (35%) من النفط المار بالمضيق، أي (85%) من احتياجاتها، وكوريا الجنوبية تحصل على (14%) بما يلبي (72%) من احتياجاتها، أما الهند ذات القوة البشرية بين دول المنطقة فتحصل على (12%) بما يلبي (65%) من احتياجاتها، والصين تلك القوة الصاعدة تحصل على (8%) بما يلبي (34%) من احتياجاتها، هذا بخلاف العلاقات التجارية بين هذه الدول ودول المنطقة. والشاهد أن كل هذه الدول لن توقف عجلة اقتصادياتها بسبب تصرّف أهوج من هذا الطرف أو ذلك، كما أنها لن تستغني عن حدود رفاهيتها تحت دعوى حرب لا طائل من ورائها.

وفي هذا الشأن، تجدر الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من تجارة النفط العالمية تمر عبر المضيق؛ حيث كان يمر عبره في السبعينيات نحو (8،1) مليون طن، زادت في 1973م إلى (5،18) مليون برميل يومياً، يتجه نصفها إلى دول أوروبا الغربية. ورغم انخفاض هذه الكميات في الثمانينيات بسبب إنشاء خطوط أنابيب نقل النفط، فإن الكمية المنقولة عبر المضيق لم تقل عن (70%) من حجم المنتج بالمنطقة.

وقد لا تتوقف الأهمية الاقتصادية للمضيق على ما سبق ذكره فحسب؛ إذ إن الوضع أكثر تأزّماً من مجرد التأثير على النفط المنتج في المنطقة، ومدى إمكانية وصوله للدول المستفيدة منه، وإنما يتجاوز ذلك ليشمل اعتبارات أخرى، منها ما يتعلق بالدول الحبيسة التي لا منفذ لها سوى المضيق، والأمر هنا لا يتعلق بصادراتها النفطية، وإنما بأحد أهم مقومات دول الاستراتيجية، وهو طول سواحلها ومنافذها المائية، ومن ثم حركة التبادل التجاري لها ومناطق نفوذها الاقتصادي على مياه الخليج، وهنا نستطيع الإشارة إلى العراق كمثال واضح؛ إذ لا يملك أي منفذ آخر غير مياه الخليج، مثله في ذلك مثل بقية دول مجلس التعاون عدا السعودية والإمارات وعُمان، وهو بالإضافة إلى ذلك منفذ ضيق لا يزيد على (10) أميال بحرية.

وإذا ما أُضيف إلى ما سبق حقيقة أن كافة المنشآت الحيوية الخليجية وبخاصة الاقتصادية والاستراتيجية منها تقع بجوار مياه الخليج بشكل أو بآخر، لتأكَّد لنا مدى الخطر الذي يمكن أن يلحق بها إذا ما توتّرت الأوضاع بمياه الخليج، وللتدليل على ذلك يُشار مثلاً إلى أن السعودية وإن كانت تمتلك ساحلاً طويلاً على البحر الأحمر إلاّ أن استخدامها للخليج العربي، ومن ثم مضيق (هرمز) يفوق في أهميته أهمية البحر الأحمر ذاته، فبالإضافة إلى أنه أصعب من الناحية الملاحية بسبب كثرة الشعاب المرجانية، ووجود أكثر من ممر مائي به (قناة السويس وباب المندب)، مما يزيد من تكلفة المرور به مقارنة بمياه المضيق، فهو أيضاً أطول من ناحية المسافة التي تقطعها الناقلات، ولا توجد على شواطئه أية منشآت أو مصافي نفطية قياساً بتلك الموجودة على مياه الخليج، حيث إن معظم الحقول النفطية السعودية وأغزرها إنتاجاً هي تلك الواقعة على شواطئ الخليج العربي أو تحت مياهه، مثل حقول نفط (الخفجي) التي تُعدّ أكبر حقول ساحلية للنفط في العالم.

الوضع ذاته بالنسبة لبقية دول مجلس التعاون، حيث توجد أكبر موانئ تصدير النفط في العالم على هذه السواحل، كما توجد أكبر الموانئ البحرية هناك، ولاشك أن محطات تحلية المياه التي تتغذى منها دول المنطقة توجد بالقرب من تلك السواحل أيضاً، ومع ارتباط محطات التحلية بمحطات توليد الكهرباء، فإن مياه الخليج وبالتبعية مياه المضيق هي الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية للدول المشاطئة في مجموعها، لاسيما منها الحبيسة التي لا يوجد لها منفذ مائي آخر.

ويُشار هنا إلى موانئ الدمام، والجبيل، ورأس تنورة السعودية، وكذلك فإن الموانئ الرئيسة للإمارات تقع على ساحل الخليج في دبي، وأبو ظبي، والشارقة، ورأس الخيمة، في حين أن موانئها الأخرى التي تطل على خليج عُمان، وهي خورفكان والفجيرة تُعدُّ متطرفّة ونائية عن مناطق التركيز السكاني والنشاط الاقتصادي، فضلاً عن أنها محدودة القدرة، ولا طاقة لها بحجم وكثافة الحركة في الموانئ الرئيسة المعروفة.

وإذا كانت أهمية المضيق الاقتصادية لا تقف فحسب على الدول المشاطئة لمياه الخليج ككل، فإنها تتعدى ذلك لتشمل دول (أوروبا الغربية) واليابان، والولايات المتحدة، وروسيا؛ وذلك بحكم العلاقات وموازين التبادل التجاري بينها وبين دول المنطقة والذي يخدم التقدم الاقتصادي والاجتماعي للأطراف المشاطئة، إلى درجة أنه يمكن القول إن اقتصاد المنطقة بالإضافة لاقتصاديات الدول المتعاملة معها يرتبط معاً برباط وثيق، فحجم المبادلات التجارية بين دول المنطقة مع الاتحاد الأوروبي (الشريك التجاري الأول) خلال عام 2005م، بلغ (711) مليار يورو، وجميعها تعبر من مياه المضيق، ويبلغ حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة (الشريك التجاري الثاني) نحو (33) مليار دولار عام 2003م، و (60%) من صادرات دول الخليج يذهب عبر المضيق إلى آسيا (الصين، واليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية) ومعظم واردات دول المجلس تأتي من آسيا وأوروبا بمقدار الثلث لكل قارة، في حين يأتي ما نسبته (11%) من الواردات الخليجية من الولايات المتحدة.

 

 


   

رد مع اقتباس