عرض مشاركة واحدة

قديم 01-03-09, 04:54 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

غزو البحرين 1521م
كانت البحرين موضع اهتمام البرتغاليين نظرا لموقعها الاستراتيجي الهام وتحكمها بين الشمال الخليج وجنوبه وكثرة بساتينها ووفرة تمورها ومغاصات اللؤلؤ وقد سماها البرتغاليون خزان سلع الشام والجزيرة العربية، وكانت تدين بالولاء الاسمى لملك هرمز وتدفع له ضريبة سنوية وكان اهم تجمع سكني في البحرين حسب شهادة البرتغاليين يطلق عليه مدينة البحرين، ويحيط بالمدينة سور من الحجارة والجير وفيها قلعة كبيرة ومنيعة.
بعد فشل حملة البوكيرك على عدن ومضيق باب المندب اتجه تفكيره ثانيه الى الخليج، وكانت اول محاولة للتعرض على البحرين هي الهجوم الذى قام به (حواجه عطار) عم ملك هرمز سنة 917هـ / 1511م. وكان توران شاه ملك هرمز الذي عينه البرتغاليون قد تذرع برفض الامير مقرن- امير دولة الجبور في البحرين دفع عائدات البساتين المتفق عليها لهرمز، وان مقرن يتعرض للسفن التي تبحر بين هرمز والبصرة. بالاضافة الى طمع ملك هرمز في ثروات البحرين الزراعية ومغاصات اللؤلؤ. وقد بدأ البرتغاليون بنهب السفن البحرينية وتبع ذلك هجوم خواجه عطار، وقد صادف مقاومة شديدة من الجبور، فأضطر للعودة الى هرمز دون تحقيق اى نجاح، وفشلت محاولة برتغالية اخرى بقيادة بيرو قريب البوكيرك وتكونت من اربع سفن، وبعد هذا الفشل اخذ البرتغاليون يستعدون لمعركة فاصلة بينهم وبين الامير مقرن.


الموقف العام
اخذ البرتغاليون وحلفاؤهم في هرمز يعدون العدة من الرجال والسفن لانهاء امر البحرين بأحتلالها والقضاء على دولة الجبور التي صارت تشكل عامل تهديد لنفوذهم نتيجة للسمعة التي يتمتع بها الامير مقرن، وتم حشد قوات الغزو في هرمز وعين انطونيو كوريا البرتغالي قائدا لها.وقد تألفت من ثلاثة آلاف مقاتل من مرتزقة الفرس والعرب تقلهم مائتا سفينة، ويقود هؤلاء(رئيس شرف الدين) من هرمز وتتكون قوة البرتغاليين من اربعمائة برتغالي في سبع سفن مجهزة بالمدافع الثقيلة.
اخذ الامير مقرن الجبرى يحكم استعدادته وينظم مواقع قواته. فبنى حاجزا عرضه عشرة أشبار مشيدا بالحجارة والجير، وجعل واجهته من جذوع النخل فشكل بذلك سورا منيعا، ثم ركز المدفعية على الاسوار وفي فتحات الابراج وحفر الخنادق العميقة في الاماكن اللازمة على امتداد الساحل حيث شكل تصميما دفاعيا يتمثل في نقاط دفاع اماميه على الساحل يليها مركز الدفاع الرئيسى في القلعة وماجاورها خلف الاسوار على واجهة الغزو المتوقع، واخيرا قسم المواجهة الدفاعية الى قيادات رتب لها وسائط السيطرة بشكل منظم، وتدل هذه التدابير على عمل قائد عسكرى يعرف مايريد. وكان المكان الوحيد الملائم لانزال الجنود هو ميناء مدينة البحرين (يعتقد ان القلعة كانت في طرف الامامي من المدينه المحاذى للبحر وتسيطر على الميناء) وتمكن مقرن من حشد اثنى عشر الفا من المقاتلين العرب واربعمائه من الرماه، وثلاثمائه فارس عربي، وعشرين جنديا تركيا مسلحين بالبنادق كانوا يقومون بأعمال التدريب، وانفتحتهذه القوات لملاقاة الاعداء في الاماكن المعينة وخاصة بمحاذاة سور القلعة.


الموقف الخاص
يوم15 يونيو1521م تقربت قوات الغزو البرتغالي من البحرين وانفتحت في تشكيل القتال مقابل القلعة، وانتظر انطونيو كوريا ستة ايام ليصل المدد وتتكامل القوات التي كانت قد تفرقت نتيجة سوء الاحوال الجوية، وكانت مدفعية السفن البرتغالية حديثة وثقيلة العيار وتعطى تفوقا ساحقا بالنيران على اسلحة المدافعين، ولكن مقرن وقواته كانوا على استعداد للقتال بثقة وعزيمة ومعنويات عالية، واشغل القسم الاكبر من هذه القوات المواقع بالقرب من سور القلعة وداخل القلعة نفسها وهي التي تشكل الهدف الرئيسي للمهاجمين،واشغلوا نقاط الدفاع الامامية في الاماكن اللازمة الى الساحل.


سير القتال
في المرحلة الاولى انزل انطونيو قسما من قواته الى البر لتأسيس موطىء قدم على الشاطئ وفشلت هذه المحاولة امام المقاومة العنيدة من المدافعين واضطر البرتغاليون الى التراجع يخوضون البحر على الاقدام باتجاه السفن عندما اصبح البحر في حالة جزر.
وفي المرحلة الثانية قامت المدفعية البرتغاليه الثقيلة بتوجيه النيران كثيفه الى القلعه نفسها والمواقع الدفاعية المحاذية لها، وانزل البرتغاليون جنودهم بعيدا عن التحصينات وابقوا جنود مملكة هرمز في المراكب حتى صدور الامر بالنزول، ودار قتال عنيف بالاشتباك المباشر بين الغزواة والمدافعين الذين صمدوا بروح قتالية جيدة وتحصنوا داخل اسوار القلعة، بينما كان انطونيو يحث جنده ويشجعهم على الصمود واقتحام القلعة، وفشلت محاولاتهم لاقتحامها وكان مقرن في مقدمة رجاله يتصدى للقتال بجرأة وشجاعة الهبت الحماسة في نفوسهم حتى اصيب بجرح بليغ في ساقه، كما جرح القائد البرتغالي كوريا في ذراعه، واستمر القتال اياما اخرى واصاب جند البرتغاليين الارهاق ولم يصلوا الى نتيجة حاسمة. وشاءت الاقدار ان توفي مقرن بعد بضعة ايام متأثرا بجراحه فهبطت معنويات رجاله بوفاة قائدهم وارتفعت معنويات المهاجمين ونزل باقي جنود هرمز للقيام بعملية الاجهاز على باقي المدافعين ومطاردتهم. تولي قيادة جند البحرين (حميد) ابن اخت مقرن، فأمر قواته بالانسحاب الى القطيف ومعهم جثمان الامير مقرن ليدفن في الاحساء، كانت خسائر الطرفين في الارواح عاليه نتيجة شدة القتال لايام متتالية وزادت خسائر المدافعين خاصة بعد اصابة القائد مقرن حيث اثر ذلك على معنوياتهم وصمودهم فإستسلم قسم منهم، وتم احتلال الجزيرة ونهبها واحراق مراكبهما.


الدروس المستفادة
1) التعرض والمبادأة : حافظ البرتغاليون في عملياتهم في منطقة الخليج على مبدأي التعرض والمبادأة، فكانوا المهاجمين دوما مع ان اعدادهم اقل من المدافعين في غزو البحرين، ولكن اعتمادهم على قوة حديثة متفرقة في مجالات اخرى جعلتهم قادرين على تطبيق ذلك،وقد قدموا من بلادهم بهدف التعرض للحصول على ثروات الشرق، وهم متمرسون في القتال البحرى، فكان انقضاضهم على الجزر والمعاقل الساحلية اشبه بعمليات القراصنة للحصول على الهدف بالارهاب والعمليات السريعة، والقائد الذى يتمسك بالمبادأةويواصل العمل بها يفرض ارادته على عدوه، وتكون ردود فعل عدوه محسوبة سلفا كما خطط لمجابهتها.
2) التفوق بالتسليح : كانت قوات تتفوق بالتسليح وخاصة السفن البرتغالية وبحارتها، من حيث النوعية وحداثة الاسلحة، وكان البرتغاليون يرتدون الدروع الواقية وهذا لم يتيسر للمدافعين الذين لم تكن لديهم خبرة سابقة في حرب مع قوة بحرية اوروبية حديثة،والتفوق بسلاح حاسم يعطى ميزة كبرى للجانب الذى يمتلكه مقابل الكثرة العددية المقابلة، ويضعف مقاومتها وارادتها القتالية. كما حدث مثلا في الحرب بين ايطاليا والحبشة عام 1936م استعملت ايطاليا الغازات السامة ضد تصميم الاحباش وعنادهم فوضعت نهاية سريعة لتلك الحرب. ومثل ذلك ايضا استعمال الذرى ضد اليابان في عام 1945م ووضع للحرب العالمية الثانية.
3) القيادة : توفرت للطرفين قيادة جيدة، والقيادة هي اهم عامل للوصول الى النتائج الحاسمة وكسب الحرب، ولو لم يسقط القائد مقرن في المعركة فربما كانت النتائج غير ماآلت اليه، ولم يقم قائد بكفاءته ليحل محله في الظرف الحرج، وهذه النقطة تقود الى استنتاج منطقى انه يجب تهيئة بديل او اثنين لكل قائد من مستوى جيد على استعداد لتسلم المسئولية الفورية في الظروف العصيبة.
4) المعنويات : عامل مهم في الحروب ويأتي على راس عناصر المعنوية القيادة الجيدة والعقيدة. وفي بداية القتال كانت معنويات المدافعين ممتازة واستمرت كذلك تستمد العزم من قائدهم مقرن، ولكنها اهتزت بعد ذلك نتيجة اصابته وخروجه من المعركة، فدب اليأس في نفوس المدافعين، واصيبوا بخسائر كبيرة واستسلم قسم منهم.
5) عوامل اخرى : ساعدت حالة التفرقة والضعف التي كانت سائدة على الساحل الشرقي للجزيرة العربية الغزاة على الاستفراد بكل بلد على حدة دون ان يهب بلد آخر لنجدته، ولو حدث تكتل جماعي لدرء الخطر البرتغالي لسارت الاحداث في اتجاه اخر ومن ذلك تنسيق الجهد والقيام بغارات مفاجئة وكمائن بحرية للقوات البرتغالية كلما لاحت الفرصة المواتية لذلك.

لم تعتمد قوة الغزو البرتغالية في هجومها على البحرين عنصر المفاجأة ولم يعمل بهذا المبدأ. كما ان وصول القوة متفرقة الى شواطئ البحرين نتيجه العواصف البحرية الغى تطبيق مبدأ حشد القوة فلو كانلدى المدافعين وسائل مثل المدفعية البعيدة او عناصر قوة بحرية تتعامل مع العدو عندما بدأ يقترب في وضعية تفرق لا وقعت في صفوفه اصابات قبل الوصول الى الشاطئ، وقد يربك ذلك من خططه ويفشل مقاصده.

الثورة على البرتغاليين :
قاوم ابناء الخليج السيطرة البرتغالية ولم يستكينوا لها، وكانت اول آنتفاضة عارمة عنيفة سنة 928هـ / 1521م، بزعامة ملك هرمز شاه بندر، واجتاحت مراكز التجارة في الخليج في ليلة واحده في كل من هرمز والبحرين ومسقط وصحار يوم30نوفمبر1521م. وسجلت الثورة اكثر نجاح لها في البحرين، وتولى قيادتها المتولى على البحرين، فأقتحم القلعة على البرتغاليين، وقبض على حاكم الجزيرة البرتغالي وشنقه على الفور على شجرة نخل وطرد باقي جنوده وبذلك قضى على النفوذ البرتغالي المباشر في البحرين، وفي هرمز احرقت المراكب البرتغالية في الميناء وتم قتل الحمية البرتغالية المتواجدة في الجزيرة وقامت السفن العربية بمهاجمة مواقع برتغالية كثيرة في الخليج، وتم اسر كثيرين منهم.
توالت النجدات البرتغاليه في الهند لاخماد الثورة فكانت النجدة الاولى وتبعتها نجدة ثانية سنة929هـ /1522م بقيادة دوم لويزى فنريس، وقد اخضع مسقط ودمر صحار وقضى على انتفاضة هرمز. اما في البحرين فقد اتبع البرتغاليون اسلوب الملاينة الدبلوماسية، وجرى اتفاق بينهم وبين المتولى فيها حيث اقروه حاكما على البحرين مقابل موافقته على وجود مساعد ومستشار برتغالي في حكومته.
وفي سنة 933هـ /1526م قامت انتفاضة جديدة في هرمز ومسقط وقلهات ولكن تم اخضاعها. وفي عام 936هـ /1529م، قام اهالي البحرين بثورة عنيفة يجدر ان نقف عندها بتفاصيل اكثر. لقد كان التدمير والقتل والقسوة الطابع المتميز لسلوك البرتغاليين في جميع عملياتهم في الخليج منذ البداية، وهدفهم الرئيسي نهب خيرات البلاد والكيد لعقيدة الاسلام لذلك كانت الثورات تتجدد ضدهم حتى وصلوا اخيرا الى درجة الانهاك، وكان السبب المباشر لثورة البحرين عام1529م ضعط البرتغاليين على سكان هرمز للحصول على ضرائب اكثر وحاولت هرمز ان تتحمل البحرين بعض هذه المطالب ولكنها رفضت فجهز نائب ملك البرتغال في الهند نونو دى كونها-حملة بحرية للهجوم على البحرين، واسند قيادتها الى اخيه سيمون دى كونها على ان تعززبنجدات من البرتغال فتوجه سيمون اولا الى هرمز، وفي سبتمبر عام 1529م توجه الى البحرين في خمس سفن كبيرة على ظهرها اربعمائة مقاتل برتغالي. تتبعها بعض السفن المحلية، وعندما اقترت القوة من قلعة البحرين اطلقت نيرانا كثيفة من مدافعها لمدة ثلاثة ايام متتالية، وصمد حاكم البحرين ورجاله المدافعون على الشاطئ وفي داخل القلعة حتى شحت ذخيرة المهاجمين ولم يستطع البرتغاليون الحاق اى ضرر يذكر بأسوار المدينة ودام الحصار وقذف النيران حتى نفذت ذخيرة المهاجمين واخيرا عرض عليهم حاكم البحرين العربيصلحا مشروطا رفضه البرتغاليون طمعا في النهب والغنائم، وانتظروا اربعة عشر يوما حتى وصلتهم سفينة كانت قد ذهبت لاحضار الذخيرة من هرمز وفي تلك الاثناء تفشى مرض الحمى في صفوف المهاجمين، وتوقفت قدرتهم على القتال، ونفذت مؤونتهم فصاروا يستنجدون السكان العرب الذين لم يبخلوا عليهم بالطعام بروح التسامح الاسلامي والأخلاق العربية، واخيرا قرر المهاجمون الانسحاب دون تحقيق اي هدف. وفي طريق العودة مات اكثر البرتغاليينالباقين بما فيهم قائد الحملة سيمون دى كونها، وربما كان موته ناتجا عن فشله المريع.

دخول العثمانيين المجابهة ضد البرتغاليي :
اخذت ردود الفعل العربية والعثمانية تزداد عنفا ضد البرتغاليين في البحر الاحمر والخليج والمحيط الهندى، وفي الداخل اكتسبت التعبئة طابعا شعبيا واضحا لتنبية شعوب المناطق لخطورة المخططات البرتغالية، ولم تحصل على نتائج فورية مؤثرة في البداية نظرا لتفوق البرتغاليين في الاسلحة النارية والافتقارالى قوة سياسية قادرة عل مواجهة التحدى البرتغالي، وللعجز في تجهيز قوة بحرية توازى القوة المعادية، وظل البرتغاليون سادة البحر دون منازع في العقود الثلاثة الاولى في القرن السادس عشر، انغمس بعدها حكام المستعمرات البرتغاليه في الرفاهية وحياة البذخ والنعيم، وقد توافرت لهم في البداية عناصر القيادة الجيدة ذات العزم، والتفوق الكبير في التسلح والتنظيم واستبسال جنودهم، وبدأت هذه العوامل تنخفض تدريجيا وخاصة عندما تحول القادة وكبار المسئولين من حكام الى تجار، والاهم من ذلك كله ظهور عدو جديد قوى امام البرتغاليين متمثلا في الدولة العثمانية التي بسطت نفوذها على مصر عام1517، ثم ضمت اليمن، وفي عام1534 احتل العثمانيون مدينة بغداد واخذوايتقدمون جنوبا باتجاه الخليج.
قامت دولة المماليك في مصر بعمليات بحرية مجيدة وفعاله لصيانة البحر الاحمر من خطر البرتغاليين قبل دخول العثمانيين الى مصر، ولكن سيطرة العثمانيين على مصر وامتداد سلطانهم الى اقطار عربية اخرى جعل الدولة العثمانية هي الملتزمة بالدفاع عن الاسلام كقوة سياسية وعسكرية واحدة في مجابهة البرتغاليين. وتشير المصادر البرتغالية ان ملك الاحساء وحاكم البحرين في عهد كان كل منهما مستقلا قد بعثا عام سقوط بغداد 1534 بوفد ليقدم التهانى والمودة لولي العهد العثمانى، وان لم يلتزم بأية تعبية للدولة العثمانية وكان ذلك اول اتصال بين البحرين والدولة العثمانية، ويرجع الاتراك ادعاءهم بالسيادة على البحرين الى هذا الحادث كأقدم اساس قانوني لذلك الادعاء.
اصبحت الدولة العثمانية في القرن السادس عشر الميلادى دولة عظمى لها اساطيلها في البحر الابيض المتوسط، وتستطيع انزال اسطول بحرى عن طريق السويس في طريق طويل مع البحر الاحمر وبحر العرب حتى الخليج، وبعد سقوط البصرة عام 1546 بأيدى العثمانيين اصبحت مياه الخليج في متناول ايديهم للعمليات البحرية، ولكن اول صدام بحرى كبير بين العثمانيين والبرتغاليين جرى عن طريق اسطول قادم من البحر الاحمر ارسله السلطان سليمان القانوني بقيادة القبطان بيرى محي الدين رئيس، ويسمى قبطان مصر وسار باتجاه الخليج سنة 958هـ - 1551م مع عدد كبير من الجند وثلاثين سفينة، وكان ظهور هذا الاسطول مفاجأة للبرتغاليين، فهاجم بيرى مسقط واستولى عليها واسر حاكمها البرتغالى وحاميتها البرتغالية، ثم هاجم هرمز واستولى عليها وبقيت القلعة بيد العثمانيين وسار الى قشم واقتحمها وبعدئذ توجه الى البصرة وغنم منها الكثير، ثم عاد مسرعا بعد ان علم ان البرتغاليين يحشدون جميع قواتهم البحرية لمهاجمته، فعاد بثلاث سفن تحمل الغنائم والاسلوب التي ظفر بها من البرتغاليين في عمان، وغرقت احدى سفنه قبالة البحرين، واخيرا حكم عليه السلطان بالاعدام نتيجة لتصرفاته.
بعد احتلال العثمانيين لمدينة البصرة(1546) تقدموا الى ساحل الخليج عن طريق شط العرب وعن طريق الاحساء التي استنجدت بهم ضد عسف البرتغاليين فأرسلوا حامية عسكرية الى القطيف، وكانت هناك اتصالات مستمرة بين عرب الاحساء وعرب البحرين وبين العثمانيين.
وخلال الثلث الثاني من القرن السادس عشر جرت مصادمات بحرية بين العثمانين والبرتغالين وقد فشل العثمانيون في بعض هذه المعارك لعدم اعداد اسطول كبير وعدم تنسيق جهود الثغور الاسلامية لضربة كبيرة ضد البرتغاليين.
وفي الفترةمن عام 1550- 1562م توالت الحملات البحرية التركية لمنازلة البرتغاليين وتمكن الاتراك من الحصول على انتصارات عديدة، فقد دمروا البرتغاليين في قشم، ودخلوا مسقط ظافرين مرتين، كما نزلوا بهرمز وضربوها.وفي عام1559م وصل اسطول تركي الى البحرين مؤلف من بارجتين وسبعين سفينة شراعية، وقد الحقت هذه القوة الخسائر بالبرتغاليين في القتال البحرى ولكن فشلت في تحقيق اهدافها. وتشير الوثائق العثمانية ان مراد حاكم جزيرة البحرين كان قد اعلن ولاءه للدولة العثمانية وعين حاكما على البحرين، ولكن والي الاحساء مصطفى باشا قام بالعدوان على البحرين عام 966هـ/ 1559م بتصرف شخصي منه لذلك قام السلطان سليمان القانونيبعزل والي الاحساء المذكور وعين محله مراد بك، كما قدم السلطان سليمان تأكيد علاقات الود والصداقة بين الدولة العثمانية والبحرين وتأمين سواحلها ضد الغزو البرتغالي. كما أشارت الوثائق العثمانية الى فشل تلك القوة التي ارسلها والي الاحساء وتطويقها من قبل البرتغاليين ونزع سلاحها ثم اخلائها الى الاحساء بموجب اتفاق مصالحة بين الطرفين ودفع ضريبة كبيرة للبرتغاليين.
بدأت قوة البرتغاليين في الخليج تذوي اعتبارا من عام 1580 حينما ضمت اسبانيا البرتغال اليها لمدة سنتين، وتم توجيه ضربات ساحقة للقوة البرتغالية في المغرب العربي، فكانت معركة (وادى المخازن) على مقربة من مدينة القصر الكبير بشمالي المغرب 986هـ / 1578م، حيث لقى ملك البرتغال دون سباستيان مصرعه ودمر الجيش المغربي الجيش البرتغالي تدميرا تاما، وقد شهدت نهاية القرن السادس عشر فتورا شديدا في علاقات فارس بالبرتغاليين .وفي عام 1581م وجهت تركيا حملة الى مسقط بقيادة (علي بك) فأكتسح القلعة البرتغالية بهجوم مفاجئ من البر والبحر وفر الباقون من الحماية البرتغالية الى داخل عمان، وهاجم العرب البرتغاليين في (نخيلوه) عام 1585 بعملية كمين بارعة ومفاجئة فقتل اكثر من 250 رجلا من البرتغاليين، وفر الاحياء منهم هاربين الى السفن، وكانت هذه اكبر ضربةموجعة توجه الى الغزاة البرتغاليين.

طرد البرتغاليين من البحرين :
ذاق سكان بلدان الخليج التي ابتليت بالبرتغاليين الاهوال من شدة تعسف هؤلاء وارهابهم ونهبهم لخيرات البلاد والسيطرة على تجارتها، وكانوا يتحينون الفرص للثورة عليهم، وفي عام 1602م قتل احد البحريين حاكم الجزيرة البرتغالي بخنجر واعلن نفسه حاكما للبحرين، وهب سكان البحرين واقتحموا القلعة وتغلبوا على الحامية البرتغالية واحتلوها. وكانت تلك الحادثة آخر عهد البرتغاليين بالبحرين، وقد حاول البرتغاليون استرجاع البحرين بحشد قوات برتغالية وهرمزية كما استقدموا قوات من الهند ولم يكتب لهذه المحاولة النجاح حيث انتشر المرض فى افراد القوة، وارسل شاه ايران عباس قوة من خمسة آلاف رجل الى بندر عباس لتحويل انتباه البرتغاليين ، ووقعت حادثة تمرد ضد الحامية البرتغالية هناك وهذه الاسباب ادت الى عدم تمكن البرتغاليين من التقدم الى شواطئ البحرين.



الدروس المستفادة من الغزو البرتغالي
لقد استهدف الغزو السيطرة على مراكز التجارة في الخليج العربي، وجاء يفرض نفسه بالبطش والارهاب وروح الحقد الصليبي على كل مايمت للاسلام بصلة. وقد مارس البرتغاليون سياسة القرصنة البحرية، فكانوا يتعرضون لكل سفينة تمخر عباب الخليج للاستيلاء عليها ونهب حمولتها، ويمكن استخلاص الدروس التالية من مجمل عمليات التواجد البرتغالي في الخليج خلال نحو قرن من الزمان.
1) تعطيل القدرة على الحركة :
كان اهتمام البرتغاليين الاول منع العرب من المتاجرة مع الهند والشرق الاقصى لذلك كان الهدف مهاجمة السفن العربية اينما وجدت وتعطيل القدرة على الحركة وبذلك يتم تأمين هدف تجارى وعسكرى،وقد يكون الهدف العسكرى ذا اسبقية اولى بعد استقروا في الخليج، وذلك لتعطيل القدرات التعرضية ضدهم سواء على صعيد دولة منفردة او مجموعة من الدول الخليجية. لقد قام البوكيرك منذ دخوله الخليج 913هـ / 1507م بتدمير كل مركب خليجى التقى به في طريقه. وكان يحرق السفن الراسية في المؤانى حتى التى لا دور لها في القتال. وماتبقى من السفن التجارية كان يحصل على اذن رسمي للملاحة من البرتغاليين بعد ان سيطروا على الطريق البحرى بايجاد حاميات عسكرية في الحصون والمراكز.
2) المقاومة المحلية :
اخذت ردود الفعل ضد التسلط البرتغالي تبرز هنا وهناك بين سكان الخليج وصارت تزداد عنفا بالرغم من حالة الفرقة التى كانت سائدة، وقد شهدنا بع الحكام واهل البلاد يقومون بالانتفاضات العرمة وصارت المقاومة شعبية مع مرور الوقت، وكانت ثورة عام 1522 بزعامة ملك هرمز اول عملية متماسكة ضد البرتغاليين في هرمز والبحرين ومسقط وصحار، وكانت عملية الكمين في نخيلوه ومقتل 250 برتغاليا مثلا رائعا على المقاومة الشعبية، وكان للانتفاضات والمقاومة تأثير كبير على البرتغاليين ومعنوياتهم.

3)قوة الدولة وتوخي الهدف :

كانت قوة البرتغاليين وتفوقهم بالتسليح نابعين من قوة الدولة التى كانت تعمل بصورة دائبة على ارسال النجدات وقوات منظمة الى مسح العمليات وتواصل توخي الهدف بالرغم من خسارة بعض المعارك وكانت قوة البرتغاليين بالمقارنة مع القوى المحلية التى تجابهها فى الخليج تشكل عامل تفوق. وبالمقابل عندما دخلت الدولة العثمانية الصراع اصيب ببعض الانتكاسات وخسارة بعض المعارك ايضا ولكن قوة الدولة الفتية كانت تتحمل ذلك وتديم اعداد الحملات الجديدة، وتوخي الهدف حتى صارت مصدر رعب مقيم للبرتغاليينوبدأت تسجل انتصاراتها عليهم وقد نظر سكان الخليج الى الدولة العثمانية على اعتبارها دولة الاسلام وحامية الحرمين فتعاونوا معها. ومن اهم اسباب نجاح البتغاليين في بداية الغزو عدم وجود دولة قوية موحدة فى مواجهتهم، والدولة التى يمكن ان تقوم بذلك هي الدولة العثمانية التى كانت خلال النصف الاول من القرن السادس عشر مشغولة في توطيد اركانها وبسط سلطانها على المناطق العربية فى مصر والهلال الخصيب والجزيرة العربية، وكانت لديها قوات بحرية قوية في البحر الابيض المتوسط، وبعد احتلال مصر عام1517 واحتلال البصرة عام 1546 بدأت القوات البحرية للدولة العثمانية تعمل بقوة في البحر الاحمر وبحر العرب والخليج العربي من قاعدتين لتزويد السفن، فكانت القاعدة الاولى في السويس والثانية في البصرة، لذلك صارت العمليات البحرية العثمانية تظهر ضد البرتغاليين من اتجاهين، واخذت الصدامات تزداد عنفا وضراوة.
3) التحالف مع الدولة الصفوية :
في فترات معينة تواطأ بعض الحكام المحليين مع البرتغاليين، ولكنمحاولات البرتغاليين لاستغلال الدولة الصفوية بسبب النزاع بينها وبين العثمانيين وبين اقاليم الخليج جعل الاتفاق بينهما قائما، وهذا ماتحاوله الدول الاجنبية في الماضى واحاضر للوقيعة بين ايران والدول العربية والاسلامية، ولو وقفت ايرانفي وجه البرتغاليين اثناء الثورات العربية في الخليج او اثناء التعرض العثماني على البرتغاليين لاصبح الوضع سيئا بالنسبةللقوات الغازية ولما كتب لها البقاء للمدة التي اقامت فيها فى الخليج.


الدور البريطاني فى الخليج
اشتدت المواجهة بين العثمانيين والبرتغاليين فى النصف الثاني من القرن السادس عشر بينما يستمر الصراع بين العثمانيين والايرانيين من جهة ثانية، مع ان بعض الحملات البحرية العثمانية ضد البرتغاليين لم تكن ناجحة فى البداية الا انها اخذت تسجل نجاحا فيما بعد. والقيمة الحقيقية للعمليات العثمانية ضد البرتغاليين تتمثل فى انها اعمال تعرضية مع المحافظة على المبادأة، وكان السابق يتم من جانب البرتغاليين، وقد شهد النصف الثاني من القرن السادس عشر ايضا محاولات انجليزية وهولندية لمزاحنة البرتغاليين فى الهند والشرق الاقصى.
فى عام 1598 ظهرت اول طليعة انجليزية فى بلاط شاه ايران عباس تعرض اعادة تشكيل الجيش الايراني على اسس عصرية واقامة علاقات مع الغرب المسيحي والهدف من وراء ذلك توسيع الهوة بين العثمانيين والايرانيين للوصول الى مآربهم الاستعمارية فى المستقبل، ثم العمل ضد البرتغاليين الذين اخذت سطوتهم ونفوذهم بالانحسار. وفي عام 1608 بدأت شركة الهند الشرقية البريطانية وتءسس اول مركز لها في(سورات) بالهند، واخذ النفوذ الانجليزى يأخذ دوره فى التوسع هناك ثم باتجاه الخليج العربي، وكان تحالف الانجليز مع ايران موحها ضد الاتراك والبرتغاليين، وصار الانجليز يحصلون على تسهيلات تجارية خاصة، وكانت كراهية الناس للبرتغاليين سببا فى تشجيع اقامة علاقات مع الانجليز وتنظيم هذه العلاقات وتوجيهها. وفى الفترة من عام1602 عندما تم طرد البرتغاليين من البحرين من فبل سكان البحرين وتابع ذلك سكان الخليج خاصة يعاربة عمان وحتى عام 1622 خسر البرتغاليون هرمز وقشم وصاروا يطاردون فى كل مكان فى الخليج، واخيرا تم طرد البرتغاليين من قلعتهم فى قشم بعملية مشتركة اشتراك فيها جيش كبير لشاه عباس تدعمه السفن البريطانية التى قامت بضرب الاسطول البرتغالي والقلعة فى هرمز حتى سقطت فى ابريل عام 1622 وطوى عن قلعتها علم البوكيرك بعد ان بقى عليها مائة واربع عشرة سنة ووقع باقى البرتغاليين في هرمز وعددهم ثلاثة آلاف نسمة فى الاسر. وكان التحالف وثيقا بين الانجليز والفرس، وتحمل الفرس العبء الاكبر فى معركة هرمز حيث خسروا حوالي الف قتيل ولم تزد خسائر الانجليز على العشرين اصابة.وقبل هذه المعركة كان الانجليز قد تغلغلوا بمصالحهم فى بلاد فارس فأسسوا وكالة فى شيراز واخرى فى اصفهان مع تعدد بعثاتهم ووكالاتهم.
كانت آخر مراكز البرتغاليين فى مسقط وعمان، وحاولوا التحالف مع الاتراك ضد التحالف الانجليزى الفارسي، فتم تأسيس مركز تجارى وجالية برتغالية فى مدينة البصرة لتحويل التجارة البرتغالية الى هذه المدينة، وجرى تعاون عسكري تركي برتغالي محدود بشن هجمات متلاحقة على شواطئ الايرانى ومحاولة منع عرب شمال الخليج من التعامل مع سلطات الجنوب الفارسية البريطانية ولم تكن القوة البحرية التركية والبرتغالية فى شمال الخليج كافية للتغلب على قوة الحلف الفارسي الانكليزى، واخيرا جاءت الضربة ضد البرتغاليين فى عمان بقيام دولة اليعاربة حيث تم طرد البرتغاليين نهائيا بسقوط حصن مسقط عام 1650 وتحول من بقى منهم فى البصرة الى مرتزقة.


الفصل الثاني
معركة الزبارة والتحول الكبير قى البحرين
أ‌) البحرين فى القرن الثامن عشر :
آل مذكور
العتوب
ب)الزبارة
ج) معركة الزباره والدروس المستفادة
د‌) معركة البحرين والدروس المستفادة

 

 


   

رد مع اقتباس