عرض مشاركة واحدة

قديم 04-03-14, 04:51 AM

  رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

عماد الدين زنكي وبناء الأمة

ذهب عماد الدين زنكي لتولي منصبه الخطير ، وهو إمارة الموصل ، وليس وجه أهمية المنصب في كونه يشرف على واحدة من أهم وأوسع وأثرى الإمارات الإسلامية في ذلك الوقت، وليس فقط للأهمية الإستراتيجية لهذه الإمارة الواقعة في وسط مثلث مهم جدًّا ؛ حيث إنها فاصلة بين العراق والخلافة العباسية ، وفارس ومركز السلاجقة العظام ، والشام بما فيها من أحداث ساخنة ، ليس لهذه الأمور فقط ترجع أهمية الموصل ، ولكن في الأساس لكونها أصبحت الإمارة التي يعلق عليها المسلمون آمالهم في تخليصهم من الكابوس المفزع المتمثل في الإحتلال الصليبي .

كانت المهمة إذن خطيرة جدًّا ، والمعوقات لنجاح العمل كثيرة ، ولا بد لمن يتولى هذا المنصب أن يكون على دراية تامة بأحوال الواقع الإسلامي ، وعلى علم غزير بأمور الجهاد والإدارة والسياسة ، وعلى قدرة تامة للتعامل مع كل المفاجآت والأحداث ، وقد كان عماد الدين زنكي هذا الرجل المطلوب !

بدأ عماد الدين زنكي - وقبل وصوله إلى الموصل - ينظر نظرة شمولية للأحداث وللظروف ، وكأني به قد نظر إلى المنطقة بمنظار درجته ثلاثمائة وستون درجة ، وكأنه بهذه الصورة قد رأى كل صغيرة وكبيرة في المنطقة ! فتعالوا نفكر مع عماد الدين زنكي في الوضع الجديد ، ونرى كيف يمكن أن تكون رؤيته ؟ وما هي أولوياته ؟ وكيف ستكون خطواته ؟! وما هي موازين القوى الموجودة في المنطقة في ذلك الوقت ؟ ..

أولاً : أقوى شخصيات العالم الإسلامي الآن هو السلطان السلجوقي محمود ، ومقرُّه في أصفهان ، وله الهيمنة على مناطق كثيرة أهمها إيران والعراق بما فيها بغداد والموصل ، كما أن له السيطرة كذلك على حلب ، ومن ثَمَّ فولاء عماد الدين زنكي سيكون بوضوح له ، فوق أنه هو الذي ولَّى عماد الدين زنكي أصلاً ولاية الموصل , وكان السلطان محمود عند ولاية عماد الدين زنكي يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا ، وكان عاقلاً حليمًا كريمًا عفيفًا، وإن لم يكن على نفس الخبرة والكفاءة التي كان يتمتع بها أبوه السلطان محمد أو أجداده .

ثانيًا :
الخليفة العباسي آنذاك هو المسترشد بالله ، ولو ظهر هذا الخليفة في زمان قوة الدولة العباسية لكان له شأن ، لكنه ظهر والدولة العباسية في غاية الضعف ، وتقع تحت الهيمنة السلجوقية تمامًا ، وكانت تراود هذا الخليفة الطموحات بالإستقلال ، ومرَّ بنا كيف أنه إصطدم قبل ولاية عماد الدين زنكي بشهور قليلة مع السلطان محمود ، إلا أن السلطان محمود إنتصر ، وإعتذر الخليفة له ، فهذا - لا شك - سيؤثر في علاقة عماد الدين زنكي بالخليفة ؛ فعماد الدين زنكي وإن كان لا يريد خصامًا أو شقاقًا مع أحد إلا أن أولوياته في هذه المرحلة ستكون موجَّهة للسلطان محمود أولاً ، ثم الخليفة أو غيره من بعده ، ثم إن عليه أن يعلم أن الخليفة قد يؤذيه في يوم ما ؛ لأنه يعلم إرتباط عماد الدين زنكي بالسلطان محمود .

ثالثًا :
إمارة الموصل الآن تموج بالفتن ، والوضع الأمني فيها في غاية الإضطراب ، ومنذ عام واحد قُتل آق سنقر البرسقي أمير المدينة بسهولة ، وذلك على يد الباطنية ، فهذا الإنفلات الأمني أدى إلى نتائج خطيرة ؛ حيث إضطربت حركة التجارة ، وساد المفسدون ، وخشي الناس على حركتهم وأموالهم ، ومن ثَمَّ فقدوم عماد الدين زنكي على البلد ليس آمنًا .

رابعًا :
من موازين القوى المهمَّة التي لا ينظر إليها كثير من المحلِّلين هو الشعب في المدينة المعيَّنة أو الدولة المعيَّنة ، وشعب الموصل - كما سبق وتحدَّثنا عنه - كان شعبًا محبًّا للعلم راغبًا في الجهاد ، ومن ثَمَّ فهو يصلح أن يكون نواةً جيدة لدولة قويَّة ، كما تصلح الموصل بشعبها أن تكون عاصمة لحكم عماد الدين زنكي ، حتى لو كانت أوضاعها الأمنية منفلتة الآن ، وهذه نقطة مهمَّة ؛ لأن إختيار العاصمة نقطة محورية في ذهن عماد الدين زنكي ، خاصَّة أن حلب تُعَدُّ هي الأخرى بديلاً مطروحًا لأمورٍ كثيرة سنعرض لها في النقطة القادمة .

خامسًا : الوضع في حلب


حلب مدينة في غاية الأهميَّة ؛ فهي مدينة تتمتع بحصانة عسكرية عالية ، كما أنها تقع على خطوط المواصلات بين العراق والشام ، وهي قريبة جدًّا من معاقل الصليبيين ، وأهمها الرها في الشمال وأنطاكية في الغرب ، ولها أهمية إقتصادية عالية ، كما أن كثافتها السكانيَّة كبيرة ..

كل هذه العوامل جعلت عماد الدين زنكي يعتقد تمام الإعتقاد أن هذه المدينة مهمَّة جدًّا في المنطقة ، إضافةً إلى أن أهل حلب ما زالوا يتذكَّرون حاكمهم القديم "قسيم الدولة آق سنقر الحاجب" والد عماد الدين زنكي بكلِّ خير ، ولا شكَّ أن هذا سيجعل قاعدة شعبيَّة عريضة لعماد الدين زنكي .

لكن في ذات الوقت فطبيعة الشعب في حلب مختلفة عن الموصل ، فالشعب هناك عانى من سوء التربية وفساد الحكم عشرات السنين ، وذلك منذ أيام تتش بن ألب أرسلان وإبنه رضوان ، وهذا الشعب وإن كان فيه خيرٌ - إن شاء الله - إلاَّ أنه لا يصلح في هذه المرحلة أن يكون نواة للحركة الجهاديَّة ضد الصليبيين ، هذا إضافةً إلى أن المدينة قريبة جدًّا من معاقل الصليبيين ؛ ولذا فتَمَرْكُز الحكم فيها أمر خطير ؛ ولذا ففي ذهن عماد الدين زنكي أن أهميَّة الموصل تعلو فوق أهميَّة حلب ، ولكل منهما دور في خططه وبرامجه .

أمَّا الوضع السياسي الآن في حلب فهو مضطرب جدًّا ؛ لأنه بعد وفاة عز الدين مسعود بن آق سنقر البرسقي ظهر فيهم أحد التركمان وإسمه قتلغ أبه ، وسيطر على الحكم ، ووضع في صورة الحكم إبراهيم بن رضوان بن تتش ، وكان إبراهيم هذا فاسدًا كأبيه ، وكان قتلغ آبه أفسد منه ، فبدأت المدينة تعيش حالة من الظلم والجور ، وبدأ الذعر ينتشر هنا وهناك ، وطمع الجميع في المدينة ، وخاصَّة جوسلين دي كورتناي أمير الرها ، وريموند دي بواتييه أمير أنطاكية ..

ثم لجأ أهل المدينة إلى شخصيَّة جديدة لعلَّها تنقذهم من ظلم قتلغ أبه ، وهو سليمان بن عبد الجبار الأرتقي ، ولكنه كان ضعيفًا ، ومن ثَمَّ قامت مؤامرات وفتن ، ولم يستقرّ الوضع على حال ، والصليبيون على الأبواب ..

سادسًا : من مراكز القوى الموجودة أيضًا في ذلك الوقت الأمير جاولي ، الذي أعلن الوصاية على إبن آق سنقر البرسقي الصغير ، وكان طامعًا في الحكم ، ورأينا أنه أرسل بهاء الدين الشهرزوري وصلاح الدين الياغيسياني لكي يُقنعا السلطان محمود بإعطائه الولاية ولكن جَرَت الريح بما لا تشتهي السفن ، ووصلت الإمارة إلى عماد الدين زنكي ، فماذا سيفعل جاولي ، وهو الآن بالموصل ومعه جيش الموصل الذي كان تحت إمرة عز الدين مسعود قبل وفاته ؟

سابعًا : دمشق وبقية بلاد الشام


في كل قصتنا من أولها إلى هذه اللحظة كانت دمشق تمثِّل مشكلة عويصة للحركة الجهادية ! فدمشق هي المدينة الرئيسية في منطقة الشام بكاملها ، بل إن الأهالي في هذه المناطق لو قالوا : الشام، فإن كثيرًا ما يقصدون دمشق فقط ! لكن - للأسف - هذه المدينة بكل مقدراتها البشرية والإقتصادية والإستراتيجية والعسكرية ، وبالتاريخ الإسلامي الطويل لم تكن على المستوى المطلوب إسلاميًّا في هذه الفترة ، بل على العكس كانت حجر عثرة في المشروع الجهادي فترةً طويلة من الزمن !

وأصل المشكلة كما تعرضنا لها قبل ذلك الفترات الطويلة التي مرت على المدينة وهي محكومة بالفاسدين والظالمين وأصحاب البدع ، حتى خرج علينا بالتدريج جيلٌ لا يوقر العلم ولا يحب الجهاد ، ولا يعرف من الدين إلا بعض القشور ، بل وتتحول عنده البدع إلى أصول !!

لقد حكمت دمشق كما ذكرنا قبل ذلك من سنة 358هـ\ 968م إلى سنة 468هـ\ 1075م بالدولة العبيدية ، وفي هذه الفترة الطويلة تغيرت المناهج التربوية والتعليمية والحياتية بشكلٍ كبير ، أدى إلى حدوث خلل بيِّن في الشعب هناك ، وضاعت الكثير من المبادئ والقيم ، وفَقَد عقلاء المدينة الرؤية الصائبة ، ومن ثَمَّ هجرها علماؤها ، ودخلت فترة من الظلام الدامس !

وحتى بعد تحرير المدينة من العبيديين فإنها مرت بفترات عصيبة تحت الحكم العسكري لأحد قواد السلاجقة وهو أتسز (الأقسيس) ، ثم تتش بن ألب أرسلان ، ثم دقاق بن تتش ، وأخيرًا طغتكين التركماني ..

ومع أن الحكم الآن في يد طغتكين إلا أنه لم يكن بالشخصية الجهادية الصرفة ، ومن ثَمَّ فقد يمثل حجر عثرة أمام أحلام عماد الدين زنكي الجهادية .

أضف إلى كل ذلك تغلغل النفوذ الباطني في الشام ، وخاصةً في دمشق وما حولها من قرى وقلاع ، وكان هذا يرهب الناس إرهابًا كبيرًا ، خاصةً أن الباطنية كانوا يتربصون بأي دعوة إصلاحية في المنطقة ، مما جعل الشعب ييأس من إحتمالية الإصلاح .

كل هذه العوامل جعلت مشكلة دمشق معقدة ، فهي ليست مشكلة حكام فقط ، إنما هي مشكلة شعب كذلك ، وهذا - ولا شك - أصعب !
أما عسكريًّا وسياسيًّا فإن الوصول إلى بيت المقدس مستحيل دون التعاون مع دمشق أو السيطرة عليها ، ونفس الكلام يقال على إمارة طرابلس ، وعلى هذا فإن كان عماد الدين زنكي يريد حلاًّ لقضية الصليبيين في طرابلس وبيت المقدس ، فلا بد أن يجد حلاًّ أولاً لقضية دمشق !

أما المدن الأخرى في الشام فكانت أضعف بكثير من دمشق ، ولكنها جميعًا كانت محورية في حرب الصليبيين ؛ لتداخل المناطق بعضها مع بعض .


وكانت حماة تحت سيطرة إمارة دمشق ، وهي مدينة تتحكم في عدة محاور ، كما أنها قريبة من أنطاكية وطرابلس .

أما حمص فكانت في ذلك الوقت إمارة مستقلة على رأسها صمصام الدولة خيرخان بن قراجا ، وهو رجل تركي إشتهر بالظلم والتعسف ، ولكنه كان قويًّا ومؤثرًا في المنطقة .

وآخر هذه الإمارات هي إمارة شيزر ، وكان يسيطر عليها سلطان بن منقذ - وهو من الأمراء العرب - الذي سيطر على هذه الإمارة فترة طويلة من الزمن ، على الرغم من صغر إمارته وضعفها وخطورة موقعها ؛ حيث إنها قريبة جدًّا من أنطاكية ..

ثامنًا : منطقة الجزيرة وما حولها

وهذه المنطقة في غاية الخطورة ، وهي المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات من ناحية الشمال ، وهي تضم الآن أجزاء من العراق وسوريا وتركيا ، وهي المنطقة التي تحوي في داخلها إمارة الرها الصليبية ، وهي قريبة جدًّا من الموصل ، بل إن الموصل نفسها تُعَد إحدى مدن إقليم الجزيرة ، ومن ثَمَّ فإن هذه المنطقة من أهم المناطق التي يجب أن يفكر فيها عماد الدين زنكي .

وللأسف الشديد فإنه مع خطورة هذه المنطقة وقربها من إمارة الرها الصليبية إلا أنها كانت ممزقة بين الزعماء المختلفين ، سواء من الأراتقة أو التركمان أو العرب ، ولا نبالغ إن قلنا أن هذه المنطقة المحدودة كانت تضم عشرات الإمارات المستقلة ، وليس ذلك فقط ، بل كانت تتناحر مع بعضها البعض من أجل توسيع بقعة السيطرة !!

تاسعًا : الأكراد

وهم - كما ذكرنا - من الشعوب السُّنِّية العظيمة ، وكانوا يعيشون في الجبال الواقعة في شمال وشمال شرق الموصل ، ولكن نتيجة لوعورة المناطق هناك فقد ضعفت السيطرة الحكومية السلجوقية عليها ، وقلَّ وجود العلماء هناك ، فإنعدم الأمن وساد الجهل ، وصارت هذه المناطق مصدر إزعاج وقلق للمدن المجاورة .. وكانت الأكراد مقسَّمة إلى قبائل كثيرة ، وكل قبيلة مستقلة إستقلالاً كاملاً ، وليس هناك ما يمكن أن يسمَّى دولة كردية ، ولعل أشهر القبائل في هذه المنطقة في ذلك الوقت هي قبائل الأكراد الحميدية والهكارية والمهرانية واليشنوية ..

عاشرًا : الصليبيون

بعد كل هذه الهموم والمشاكل التي في المنطقة يبقى هناك الهم الأكبر ، والعبء الأعظم المتمثل في الكيان الصليبي المستقر في أربعة تجمعات رئيسية ، وهي الرها وأنطاكية وطرابلس وبيت المقدس .

وفي ظل الإضطرابات التي حدثت في الموصل بعد مقتل آق سنقر البرسقي سنة (520هـ) 1126م ، فإن الإمارات الصليبية إستقرت بصورة أكبر ، بل وبدأت تتعرض للقوافل المارة بجوارها ، وبدأت في فرض الإتاوات على المدن القريبة ؛ مما أحدث نوعًا من الفزع والرعب عند عامة سكان المنطقة، خاصةً أن الزعماء الضعفاء الذين كانوا يسيطرون على المدن الإسلامية كانوا لا يرغبون ، ولا يفكرون أصلاً في أي صدام مع الصليبيين ..

أما من ناحية الزعامات الصليبية فقد إستقرت أوضاعهم إلى حدٍّ كبير ، وكانت الرها تحت حكم جوسلين دي كورتناي ، وأنطاكية تحت حكم بوهيموند الثاني ، وطرابلس تحت حكم بونز بن برترام ، وبيت المقدس تحت حكم بلدوين الثاني .

ولا شك أن أخطر هذه الإمارات بالنسبة لعماد الدين زنكي هي إمارة الرها المزروعة كالإسفين بين الموصل وحلب !

إذن كانت هذه الصورة في ذهن عماد الدين زنكي ، وهي صورة معقدة ، فيها عشرات بل مئات المشاكل ، ولن يستطيع الخروج من هذه الأزمة المركبة إلا بيقين صادق في الله ، ثم رؤية واضحة ، وحسن ترتيب للأولويات ، وسياسة ماهرة في التعامل مع كل هذه التنوعات البشرية ، وحكمة بالغة في تغيير المنكر وإصلاح الفساد .

لقد كانت الرؤية في تمام الوضوح في ذهن عماد الدين زنكي من أول يومٍ تولى فيه الحكم ؛ لقد كانت قضيته بوضوح هي "تحرير العالم الإسلامي من الصليبيين" ، ولكن هذه مهمة شاقة وعسيرة ، وتحتاج إلى منهج واضح في التعامل ، ولقد كان منهج عماد الدين زنكي في ذلك يتركز في نقطتين رئيسيتين ظلتا الشغل الشاغل له طيلة حياته ؛ وهاتان النقطتان هما : توحيد المسلمين ، والجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين !

لقد أدرك عماد الدين زنكي من اليوم الأول أن حالة الفرقة الشنيعة التي تعاني منها الأمة الإسلامية هي السبب الرئيسي في تمكن الصليبيين من السيطرة على الأوضاع في عمق العالم الإسلامي ، ولم يكن الأمر يقف عند ضعف القوة فقط ، ولكن كان الصليبيون يضربون بعض المسلمين ببعض ، فنشأت الدويلات المتناحرة التي حفظت بقاء الصليبيين مدة أطول .

كما أدرك عماد الدين زنكي أيضًا من اليوم الأول أن الحل الوحيد لطرد الصليبيين من البلاد هو الجهاد في سبيل الله ، وأن التفاوض مع الصليبيين للموافقة على الخروج هراء لا معنى له ، خاصةً أنهم مجتمعات إستيطانية جاءوا بنسائهم وأولادهم ليستقروا ويعيشوا ، ومن ثَمَّ فقد أصبح الصليبيون يعتبرون الديار الإسلامية المنهوبة ديارهم ، وهناك أجيال كاملة ولدت وعاشت في بلاد المسلمين ، ولم تر أوربا أصلاً ، فقد مر على الوجود الصليبي حتى لحظة ولاية عماد الدين زنكي ثلاثين سنة كاملة .

وعلى هذا فخطة الجهاد في سبيل الله كانت واضحة تمامًا عند عماد الدين زنكي ، ولا بد أن يكون الجهاد في سبيل الله ، وليس في سبيل مطامع شخصية ، أو أحلام توسعية .. وهذا الجهاد له أسلوب وطريقة ، ويحتاج إلى إعداد وجهد ، وإلى طاقات وإمكانيات ، وهو ليس جهد فرد ، وإنما جهد أمة ..

هكذا كان يفكر عماد الدين زنكي ...

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس