عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:02 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

1 0 توخي الهدف 0
قبل التفكير بأي عمل ينبغي معرفة ما هي غايته لأنه الأساس لمعرفة الخطوات اللاحقة ، لكي يتم أنجاز الهدف ضمن المتيسرات . أن مبدأ توخي الهدف هو مفتاح كل عمل وهولا ينطبق على الأعمال العسكرية فحسب وإنما ينطبق على كل مجالات الحياة .

أن الصبغة الأساس لكل الأعمال وان كانت حربية هي أنها تخضع لمحفز فكري يؤمن به الفرد أو الجماعة أو الدولة وهذا المحفز هو الهدف والذي يترجم إلى إعمال أو أقوال . إذن الهدف هو البوابة التي يخطو عبرها الفكر إلى عالم واقعي يتجسد بالكلمة والفعل . ومن اجل تحقيق الهدف سنجد القوات المسلحة تستخدم احد المسلكين : التلويح باستخدام القوة لتحقيق الهدف وإخضاع الجانب المقابل أو الاستخدام الفعلي للقوات المسلحة . يقول المفكر الألماني (كلوزفيتز) في تعريف الاستراتيجية:(( هو فن استعمال المعارك كوسيلة لبلوغ هدف الحرب )) . لذلك فأن الحرب تشمل معارك متعددة أو معركة فاصلة واحدة . وعليه فأن الغاية والهدف الرئيس هنا سوف يتجزأ إلى مفردات تكتيكية تمتزج وتتفاعل بها عدة عوامل لتؤدي بالنتيجة إلى الهدف النهائي . يجب عدم الانحراف عن التوجه نحو الهدف دائماً بل ينفذ مخطط الوصول إليه بحذافيره والذي يقتضي القضاء على العسكرية المقابلة . وغاية الحرب النهائية تتألف من مجموع الغايات المتجزئة الأخرى ، وعندما لا تحقق غاية واحدة من هذه الغايات فقد يؤثر ذلك على المجمل العام للغايات الأخرى وهنا سوف تتأثر الغاية الأصلية .

وعودة إلى عبقرية الرسول (ص) وكيف طبق هذا المبدأ . كان الرسول (ص) يختار مقصده بدقه ، ويفكر في أقوم طريقة للوصول إليه ، ثم يقرر الخطة المناسبة لتحقيقه . لقد ظهر مبدأ ( اختيار الهدف ) في أول معاهدة عقدها الرسول (ص) بعد هجرته إلى المدينة ، تلك المعاهدة المعقودة بين المسلمين من جهة ، والمشركين ويهود من أهل المدينة من جهة أخرى ، فنصت على انه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ، ولا يحول دونه على مؤمن . أن قريشاً أخرجت الرسول (ص) وأخرجت أصحابه من مكة ظلماً وعدواناً ، فمن حقه أن تكون قريش هدفه الحيوي .

ومن ابرز الأمثلة على توخي الهدف ما فعله الرسول (ص) في غزوة الحديبية ، فقد كان هدفه من تلك الغزوة حشد قوى المسلمين والتأثير على معنويات قريش من غير قتال ، فخرج محرماً واستصحب أسلحة الراكب ، فلما علم باقتراب قوات قريش من قواته ترك الطريق العام إلى طريق فرعية وعرة ، للتخلص من القتال ، حتى وصل بقواته إلى الحديبية ، وبقي هناك مصراً على هدفه هذا ، فأفسح المجال للمفاوضات . وعندما هاجم قسم من المشركين معسكر قواته والقي المسلمون القبض على المهاجمين أطلق سراحهم دون أن يلحق بهم أذى ، وبقي مصراً على هدفه في عدم محاربة قريش وفي إظهار نياته السلمية حتى تم له عقد صلح الحديبية ، على الرغم من تذمر قسم من أصحابه من هذا الصلح . أن الرسول (ص) كان يختار هدفه بدقه تامة ولا ينساه أبداً في كل أعماله العسكرية وغير العسكرية .

2 0 التحشــد0
للتحشد وقت السلم سياسات عمل غير معلنة ، تنقلب في الحرب من طاقات كامنة إلى طاقات حركية . ويتم التحشد استراتيجياً وتكتيكياً . أما الحشد الاستراتيجي فهو عملية مستمرة سلماً وحرباً ، حيث أن الاسترخاء على وسادة الاطمئنان ، واستبعاد وجود الصراع المسلح ، حتى وان كانت لا توجد هناك مؤشرات حول احتمال حدوث الصراع ، يعتبر أمراً مرفوضاً ، إذ لا يعرف حتى على الصعيد الدولي ، متى ستجتمع الغيوم في السماء وينهمر المطر . وذلك فان الوقاية خير من العلاج حرباً .

ولهذا ، فان التحشد في الحدود الدنيا ، في البشر – التجهيزات – الأسلحة – الاقتصاد – المعنويات ) يعتبر ضمانة صحيحة تدار خطر المباغتة عند حدوث الصراع ، لهذا ، فان التخطيط السابق والمبرمج لعملية التحشد من الباطن إلى الظاهر ، وهذا يستدعي إجراء التعبئة العامة بغية استثمار جميع الطاقات البشرية والمادية في الصراع المسلح
إما التحشد التكتيكي ، فان القطعات هنا تتحرك ويدها على زناد البنادق ، عالمة بالواجب المخصص لها ، والقاطع الذي ستعمل فيه ، والعدو وقوته . ولهذا , فان التحشد التعبوي يمكن اعتباره كميات محدودة لديها الطاقات المكانية من اجل القيام بعمل معين في ساحة حركات واحدة أو متعددة . يقول القائد الألماني لوندروف : (( أن الحرب الحديثة لم تبق حرب جيوش وقوى عسكرية فقط ، وإنما هي حرب جماعية تقوم على حرب الأمم ضد الأمم . ولهذا ، يجب أن تضع الأمة كل قواها العقلية والأدبية والمادية في خدمة الحرب ، وان تكون هذه القوة مخصصة للحرب التالية )) .
وليس في ذلك غرابه ، ولكن الغريب أن يعتبرهاالعسكريون المحدثون آراء جديدة في الحرب الحديثة ، ولكن العكس هو الصحيح ، حيث طبقها المسلمون قبل أربعة عشر قرناً خلت . ويقول ، عزّ من قائل في كتابه الكريم (( انِفُروا خِفافاً وثِقالاً وجاهِدوا بأموالِكُمْ وأنفُِسكُمْ في سبيل الله )) .

ولم يبدأ الرسول (ص) بالجهاد إلا بعد إنجاز حشد المسلمين وإكمال الاستعدادات في القاعدة الأمنية ( المدينة المنورة) ، معاهدة أهلها من يهود ومشركين . فأصبحت القوات الإسلامية حينذاك قادرة من الناحيتين المادية والمعنوية على حماية الدعوة الإسلامية0

لقد طبق الرسول (ص) مبدأ (الحشد) في كل معاركه ولم يتردد أبداً في حشد اكبرقوة مادية ومعنوية في كل معركة خاضها ، وغزوة تبوك مثل حي على ذلك ، فان عدد المسلمين كان ثلاثين ألف رجل ، بينهم عشرة آلاف فارس ، اشتركوا في الحملة جميعاً ماعدا ثلاثة تخلفوا عنهم ، كما اشترك المسلمون كافة في تجهيز الحملة . وقد تحرك الجيش صيفاً في موسم قحط شديد ولمسافات طويلة في الصحراء ، فلم يكن من السهولة إمداد مثل هذا الجيش الكبير في مثل تلك الظروف القاسية بمواد الإعاشة والماء والنقل والسلاح،لذلك سمي هذا الجيش(( جيش العسرة ))

 

 


   

رد مع اقتباس