عرض مشاركة واحدة

قديم 12-05-09, 01:40 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 



سباق التسلح العالمي

لقد كان من أبرز نتائج (ثورة التقانة) والاستخدام المزدوج لحضارة الالكترون والذرة والليزر: الانتشار الواسع لهذه التقانة؛ مما سمح لكثير من الدول (من حجم ونوع كوريا الشمالية والهند وباكستان وسواها) باقتحام دائرة سباق التسلح، لا بالنسبة للاسلحة التقليدية وحدها؛ وإنما أيضاً في مجال اسلحة التدمير الشامل ووسائط استخدام هذه الاسلحة وفي طليعتها الاسلحة الصاروخية.

ويمكن التعرض هنا لنموذج من هذا السباق في التجربة الايرانية التي كثيرا ما أثير الضجيج بشأنها من جانب واشنطن وتل أبيب؛ ففي يوم 6- ايلول سبتمبر -2002 أعلنت وزارة الدفاع الايرانية انها أجرت اختباراً ناجحاً لصاروخ أرض- أرض (فاتح -110) يعمل على الوقود الجامد المركب. وصرحت (منظمة صناعات الجو الفضائية الايرانية) في وزارة الدفاع أن الهدف من استخدام هذا السلاح هو إيجاد قوة ردع أمام التهديدات والأزمات القادمة؛ والدفاع وتحقيق الاستقرار الاقليمي؛ وإحلال السلام في المنطقة. ويعتبر صاروخ (فاتح- 1110) من أدق الصواريخ من نوعه في العالم. وهذا الصاروخ هو واحد من خطوط إنتاج الصواريخ الايرانية ذات الاستخدام المتنوع (صواريخ أرض- جو؛ وصواريخ أرض- أرض، وصواريخ جو- أرض).

وفيما وراء إيران تقع الهند وباكستان. وليس هنا مجال التعرض لسباق التسلح النووي بين الدولتين، أو استعراض قصة الحروب الهندية - الباكستانية، ودورها في تطوير الأسلحة الصاروخية. وتكفي الاشارة بقدر كبير من الايجاز لأحدث الشواهد. ففي يوم 18 كانون الثاني - يناير-2003 أعلن في نيودلهي عن إجراء تجربة على صاروخ أرض - جو متوسط المدى من نوع (أكاش) تم اطلاقه عن منصة متحركة في شانديبور شرق الهند. وسبق أن أجرت الهند قبل عشرة أيام (يوم 9-1-2003) تجربة على صاروخ باليستي قادر على نقل شحنة نووية. وفي يوم 8 شباط- فبراير- 2003 أعلن في نيودلهي عن استعداد لاطلاق صاروخ (أغني 3) الذي يحمل شحنة نووية تزن طناً؛ ويعتبر أنه الاكثر خطورة بسبب مرونة منصات إطلاقه. ويتم التخطيط لإنتاج نموذج مطور عن هذا الصاروخ في السنة الحالية (2004) يصل مداه حتى خمسة آلاف كيلومتر. وكانت الهند قد أطلقت ثلاثة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى خلال 11يوماً في شهر كانون الأول- ديسمبر -2002.

وقد سارت (باكستان) على محور مواز لمحور تحرك الهند، ففي يوم 4 تشرين الأول- أكتوبر -2002- أعلن في (إسلام أباد) عن إجراء اختبار لصاروخ أرض- أرض (من طراز شاهين1) ذاتي الدفع وجرى تطويره محلياً- وفي يوم 25 كانون الثاني-يناير 2003، أعلن في (إسلام أباد) أن باكستان دخلت عصر الفضاء باطلاقها القمر الاصطناعي (باكستان -1) الذي تم اطلاقه لاغراض الاتصالات، وان هذا القمر سيسهم في ضمان دخول اكثر سهولة الي شبكة الاتصالات الدولية (الانترنت) وتحسين خدمات البث مما يضع باكستان على بداية طريق العلوم الفضائية؛ وسيستخدم قاعدة لبث برامج تعليمية تغطي العالم الاسلامي.

ولقد استثارت التجارب الهندية الباكستانية اهتمام شعوب العالم وبخاصة في المحيط الأسيوي؛ نظراً لما يعيشه البلدان المتجاوران من حالة الحرب المستمرة؛ ومن الاستعداد لاستخدام الخيار النووي؛ وهذا مما أثار أيضاً قلق الدول النووية الكبرى التي تقف وراء تسلح البلدين (وبخاصة روسيا التي تدعم الهند، والصين التي تدعم باكستان بالتقانة) فاستمرت المحاولات للتخفيف من حدة التوتر على التخوم الهندية- الباكستانية..

وعبرت الولايات المتحدة الامريكية، في 7-2-2003م عن موقفها تجاه هذا الوضع بالكلمات التالية:
"تعرب وزارة الخارجية الأمريكية عن خيبة أملها تجاه التجارب الصاروخية التي- يجربها البلدان، وستستمر في جهودها لإقناع الهند وباكستان باتخاذ الاجراءات لوقف البرامج النووية والتجارب الصاروخية. ولاريب أن مثل هذا التجارب تسهم في رفع درجة التوتر الاقليمي؛ وتؤدي الى سباق للاسلحة النووية والصاروخية، الامر الذي يشكل مزيداً من التهديدات على الأمن الاقليمي والدولي.

غير أن الهند تجاهلت كل (النصائح والمواعظ) وحجتها الثابتة والداحضة هي أن هناك دولاً كثيرة لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن وهيئة الامم المتحدة فيما يتعلق (بالانتشار النووي أو التجارب الصاروخية وفي مقدمتها اسرائيل) . واعلنت صراحة انها ستستمر في العام الحالي (2003) في تجاربها الصاروخية ومن بينها تجارب الصاروخ (أغني) ذي القدرة النووية الذي يصل مداه حتى ثلاثة آلاف كيلومتر..

ويصبح لزاماً بعد ذلك التعرض سراعاً لقصة (صواريخ بيونغ يانغ) التي أثارت ضجيجاً انفعالياً طوال السنوات الماضية؛ ولاسيما بعد أن استخدمت هذه القصة حجة لزج كوريا الشمالية في إطار (محور الشر) و(الدول المارقة)، وجاءت الحرب ضد العراق (بداية من يوم 20 آذار- مارس - 2003) لتؤكد حقيقة مخاوف (بيونغ يانغ) من عدوان امريكي يحتاج لاعداد كوري. وضمن هذا الاطار- على سبيل المثال- أعلن في سيؤول (يوم 10 - آذار- مارس 2003) أن بيونغ يانغ قد أطلقت صاروخ أرض-بحر باتجاه بحر اليابان، وأنها كانت قد أطلقت يوم 24 شباط- فبراير صاروخاً مضاداً للسفن أيضاً فسقط في مياه بحر اليابان.

ويمكن هنا العودة الى العام 1998 عندما أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً حلق فوق اليابان قبل أن يسقط في المحيط الهادي، مما أثار آنذاك أزمة كبيرة في الشرق الآسيوي (وبصورة خاصة لدي حلفاء امريكا- اليابان وكوريا الجنوبية. ولم تنكر كوريا الشمالية عندما استعادت حرية العمل لاستناف تنفيذ (برنامجها النووي) ومتابعة تجاربها الصاروخية؛ بأنه إنما تفعل ذلك للدفاع عن نفسها تجاه ما تتعرض له من تحديات واستفزازات تؤكد النوايا الكافية للعدوان.
فهل يمكن بعد ذلك القول: إن تطوير الدرع الصاروخي منفصل عن انتشار تقانة الاسلحة الصاروخية واسلحة التدمير الشامل؟ وهل يمكن للدول النووية الخمس الكبرى احتكار أسلحة التدمير الشامل والاسلحة الصاروخية وحرمان الدول الأخرى من بذل كل جهد مستطاع للحصول على الأسلحة الصاروخية عندما تُفرض عليها تحديات ثقيلة (كمثل العرب والهند وباكستان وكوريا الشمالية وسواها)؟

يظهر من خلال ذلك أنه لا بد من انتشار تقانة أسلحة التدمير الشامل ووسائلها. وإذا لم يتحقق ذلك، فالمخرج الحتمي هو الاحتكام الى السلاح؛ وتطوير وسائل الصراع بين السيف والترس؛ بين الهجوم والدفاع؛ بين الاسلحة الصاروخية والدروع الصاروخية.

ولاريب أن تحقيق ذلك يتطلب قبل كل شيء إرادة دولية صلبة وفاعلة وتمتلك القدرة للحد من أخطار عسكرة الفضاء وعسكرة المحيطات، والتعامل مع قضايا التسلح في إطار متكامل ومتوازن، ولكن؛ قبل كل شيء؛ التعامل مع الازمات والبؤر المتفجرة والنزاعات بحياد ونزاهة في إطار ما أطلق عليه في أعقاب انتهاء عصر الحرب الباردة اسم (الاستراتيجية الوقائية) التي تعني بوضوح: التعامل مع عوامل التفجر؛ وليس مع ظواهرها. ولقد أهملت هذه الاستراتيجية إهمالاً كاملاً. وتمت الاستعاضة عنها موخراً باستراتيجيات (الهجمات الوقائية) و(الحروب الدفاعية) فبدأت سحب الحروب تغطي سماء العالم، وابتعدت الآمال بالوصول الى عالم ينعم فيه الانسان بالأمن والسلام والرفاه.

 

 


   

رد مع اقتباس