عرض مشاركة واحدة

قديم 09-04-09, 06:26 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

ثالثاً: المعوقات التي تقف في وجه التصنيع الحربي العربي

هناك عوائق كثيرة تقف في سبيل التصنيع الحربي في الأقطار العربية الشقيقة، وهي عوائق يُمكن تجاوزها إذا ما اشتركت تلك الأقطار كلها أو بعضها في السعي إلى تجاوزها، وذلك بتخصيص كل قطر عربي بقدرة محددة يستطيع تقديمها أو توفيرها في إطار جهد جماعي منظم، ومن هذه العوائق التي تبدو في مجملها "قطرية" ما يلي:
(1) ضيق القاعدة العلمية، وتدنّي الوعي الثقافي والعلمي، ومحدودية التقانات العسكرية.
(2) العجز عن توفير المال اللازم (تسهيلات ائتمانية، أو قروض ... إلخ)، لاستيراد الآلات والمعدات اللازمة للتصنيع الحربي، فمصنع المدفعية مثلاً يحتاج في مرحلة التأسيس إلى مليار دولار، ومصنع الدبابات إلى مليارين، أما مصنع الطائرات فحاجته أكبر من ذلك، وترتفع هذه الأرقام كثيراً بشأن مصانع التقنيات الرفيعة.
(3) تنافس المنتجات الحربية نظراً إلى تماثلها في بعض الدول العربية، وذلك عائد إلى قطرية التصنيع الحربي.
(4) مقاومة الدول والشركات الكبرى المصنِّعة للأسلحة والأعتدة الحربية لكل مشروع عربي للتصنيع الحربي، إذ تودّ هذه الدول المتقدمة علمياً وتقانياً وصناعياً وشركاتها الكبرى أن تظل محتكرة السوق العربية لاستيراد الأسلحة والمعدات.

رابعاً: إمكانات تطوير الصناعات الحربية العربية المشتركة

تُعتبر صناعة الأسلحة من الصناعات سريعة التطوّر والتحديث، مما يتطلب وضع استراتيجية واضحة المعالم للصناعات الحربية العربية، يتم تحديدها بواسطة مجلس أعلى للصناعات الحربية العربية الذي يتكون من ممثلي الدول العربية المشتركة (كاقتراح)، وبحيث يتوفّر لهذه الاستراتيجية بعض الخصائص، مثل:
(1) تكامل استراتيجية الصناعات الحربية العربية مع استراتيجية التصنيع العامة في الدول المشتركة.
(2) تحقيق قدر مناسب من احتياجات القوات المسلحة العربية.
(3) توفّر الاستمرارية للصناعات الحربية مهما كانت المتغيرات السياسية.
(4) اعتماد الصناعات التي تناسب الإمكانات والقدرات العربية.
وفي إطار ذلك، يُراعى ضرورة تحديد الموارد المتاحة والقدرات الممكنة والإمكانات المتوقعة، وذلك حتى يُمكن بناء الاستراتيجية على أسس واقعية في توفّر الاحتياجات الفورية والاحتياجات الآجلة. ويُراعى خلال ذلك توفّر المعلومات الأساسية اللازمة لذلك، مع وضع منهج عمل لتوفير بعض البيانات الأساسية، والتي من أهمها:
أ تصنيف الكفاءات والتخصصات العلمية والمهنية.
ب حصر الموارد ومستلزمات الإنتاج وقياس حجم وكفاءة كل منها.
ج تحديد القدرات الفعلية لمراكز البحوث والتطوير بالدول العربية المشتركة.
د قياس كفاءة شبكات النقل وطاقات التخزين للمواد الأولية والمنتجات.
ه قياس مدى مرونة وصلاحية التشريعات الإدارية والقانونية لمواجهة التوسّع في التعاون، وما تقتضيه في سرعة الأداء والحركة لتجاوز كافة المعوقات.
و تحديد أوجه القصور في التخصصات المهنية الحرجة التي تفتقر إليها الصناعات الحربية المتطورة، والبدء فوراً في استكمال النقص فيها وإعداد الكوادر اللازمة.
ز اعتبار كل وحدة إنتاج قائمة أو مزمع إنشاؤها بمثابة نواة جديدة في صرح الإنتاج الاستراتيجي، وتكوّن قاعدة يقام عليها المزيد من عمليات التوسع والتطوير.
ح تحديد الصناعات المطلوبة وفقاً لأولويات الحاجة إليها، مع وضع خطط للتطوير بما يتلاءم مع التطور العالمي.
ويُراعى في هذا الشأن الاستفادة بالخبرات العربية السابقة في مجال التصنيع الحربي، والاستفادة من القواعد الصناعية الموجودة بالفعل لدى بعض الدول العربية، وكذا استغلال الخبرات والكوادر الفنية العربية المتخصصة كقاعدة للانطلاق لتنفيذ استراتيجية التصنيع الحربي العربي المقترحة.
في الوقت نفسه، تجري الاستفادة من بعض تجارب دول العالم الثالث التي نجحت في هذا الأمر، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية لوضع الأسس السليمة للإنتاج الحربي العربي المشترك، كما يُراعى ضرورة أن تشمل الخطط والبرامج إقامة المشروعات المشتركة مع الشركات الأجنبية (الصديقة) والمحلية أيضاً، والتي تتوفر لها الخبرة لمحاولة الحصول على تراخيص إنتاج لبعض الأصناف طبقاً لاحتياجات السوق المحلية في المنطقة العربية والمناطق ذات الاهتمام.

خامساً: التعاون العربي (المقترح) في مجال الإنتاج الحربي

الواقع أنه لكي تنشأ صناعة إنتاج حربي عربي (علي الصعيد القومي) فلابد من بناء خاص بها، أو نظام خاص تقوم على أساسه، وهذا النظام ليس التشغيل أو ما يطلق عليه الإنتاج، وإنما يجب أن تكون هناك مراحل متعددة متدرجة من أجل الوصول إلى إنتاج حربي عربي، وهذه المراحل هي:
(1) المرحلة الأولى: هي مرحلة تجميع الأسلحة والمعدات والأجزاء المستوردة.
(2) المرحلة الثانية: هي مرحلة تجميع بين الاستيراد والتجميع الجزئي، وتعني تدرج التصنيع وتعميق نسبة التصنيع المحلي تدريجياً، ويتم ذلك باستيراد بعض المكوّنات والتصنيع المحلي لأجزاء أخرى، ثم يتم التجميع النهائي والتفتيش والاختبار.
(3) المرحلة الثالثة: وهي المرحلة التي تصل فيها الصناعة الحربية إلى القدرة على إنتاج أنظمة كاملة للسلاح، وقد يستمر خلال هذه الفترة أو المرحلة، استيراد بعض المستلزمات والمكونات من الخارج، إلاّ أن ذلك يعني استمرار الاعتماد على الدولة المصدرة.
(4) المرحلة الرابعة: وهي المرحلة التي ترتبط بزيادة الإمكانات للوصول إلى التعديل والتقويم والإضافة. وقد يتم في هذه المرحلة إعادة تخطيط التكنولوجيا بعد إضافة تعديلات تصميمية وتكنولوجية مناسبة.
(5) المرحلة الخامسة: وهي المرحلة التي يتم فيها التصنيع ذاتياً (البحث والتصميم ثم الإنتاج). ومن الطبيعي أن يكون ذلك أكثر يُسراً في الأسلحة والمعدات الحربية التي لا تحتاج إلى تكنولوجيا متعددة. ومن المعتاد في هذه المرحلة الاعتماد على إمكانات التصنيع المحلية في الإنتاج.
وبطبيعة الحال يجب أن يكون هناك اتفاق عند التخطيط لإنتاج صناعة حربية عربية على المواصفات الفنية لهذه الأسلحة، والجزء الذي يُشترى والجزء الذي يُصنّع منها، وأين سيُصنّع وكيف؟ وكيف يُمكن تطويرها مع الوقت؟ وأن تُوفّر قاعدة بحثية تشمل "بحوث أكاديمية" و "بحوث تطويرية توسعية".
ولعل ما يثير القلق أن الأسلحة والمعدات الحربية في تطوّر مستمر، ويجب الأخذ في الاعتبار أنه مع تطور الأسلحة لم تعد هناك حقيقة دولة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، فالعديد من الدول الأوروبية المتقدمة تستورد بعض أنواع من المعدات والتسليح، وبالتالي فالاعتماد على الذات لا يتطلب بالضرورة أن نكتفي ذاتياً، وإنما على الأقل أن يُعتمد على جهودنا الذاتية في التطور والتقدم.
والهيكل التنظيمي المقترح للصناعات الحربية العربية المشتركة يمكن أن يتكون من العناصر التالية:
(1) المجلس الأعلى للصناعة الحربية العربية: ويتكون من ممثلي الدول العربية المشتركة، وتُوكل إليه مهمة "التخطيط الاستراتيجي" من واقع المهام التي تحددها القيادة السياسية، إضافة إلى الأصناف التي يتم اختيارها والتصديق عليها في اللجان الفرعية المشكلة لهذا الغرض، ويجب أن يُعطى هذا المجلس صلاحيات تمكنه من اتخاذ القرارات اللازمة لعمليات التصنيع في حدود الأهداف المحددة.
(2) شركات الإنتاج الحربي (الوحدات الإنتاجية): وتشكل هذه الشركات الهيكل الرئيس للصناعة الحربية العربية، ويتم تحديدها وتحديد وظائفها بواسطة المجلس الأعلى للصناعة الحربية العربية، الذي يقوم أيضاً بالتنسيق بينها.
(3) شركة التسويق: إلى جانب الكوادر الفنية التي تُصنِّع السلاح، لابد من إيجاد عناصر تسويقية ناجحة لمنتجات التصنيع الحربي، وذلك لضمان الفوائد الاقتصادية المرجوة، ويجب أن تتمتع عناصر التسويق بدعم "المجلس الأعلى للصناعة الحربية العربية"، إضافة للدعم السياسي للدول العربية، بصرف النظر عن الموقف السياسي بينهم.
(4) مركز البحوث والتصميمات الهندسية: وذلك لأهمية عمليات البحوث والتطوير التي تلاحق التغييرات الفنية والتكتيكية للمنتجات العسكرية المنتجة، إضافة إلى أعمال التصميمات الهندسية اللازمة للإنتاج. ويجب أن يُدعم هذا المركز بكافة العناصر المالية والفنية الممكنة، وأن يتم مسح كامل للإمكانات العلمية والفنية في الدول العربية، وأيضاً في المجال العالمي.
(5) مركز المعلومات: يُعتبر وجود نظام متكامل ودقيق واقتصادي للمعلومات هاماً للغاية لأعمال التصنيع الحربي المشترك للدول العربية، مما يتطلب مركزاً معلوماتياً يمد كافة العناصر التنظيمية السابق ذكرها بأحدث المعلومات اللازمة لكفاءة العمل وأيضاً كفاءة الإنتاج.



 

 


   

رد مع اقتباس