عرض مشاركة واحدة

قديم 14-07-09, 08:40 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الدور الامريكى فى الصومال


في يناير 1991 أُطيح بالرئيس الصومالي سياد برِّي، تنَّفس الصوماليون الصعداء إلا أن عيديد وعلي مهدي زجَّوا بالشعب الصومالي في أُتون حرب أهلية حصدت من الصوماليين أكثر مما حصده برِّي ثم جاءت المجاعة بعد ذلك لتكمل ما لم تحصده الحرب، مبعوث الأمم المتحدة للأزمة الصومالية الدبلوماسي الجزائري محمد سحنون انتقد الأمم المتحدة على موقفها من المجاعة وتسبُبها في هلاك مئات الصوماليين كل يوم، وأنها لا تقوم بالدور الذي ينبغي أن تقوم به؛ ونتيجة لهذا الانتقاد وللخلافات بينه وبين القيادات العسكرية –الأمريكية منها تحديدا- الموجودة على أرض الصومال فقد تمت إقالته من قبل الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك الدكتور بطرس بطرس غالي حيث تم تعيين شخصا آخر بناءا على توصيات أمريكية هو الجنرال الأمريكي جوناثون هاو وقد برر الأمين العام للأمم المتحدة إقالته لسحنون لعدم تعاونه مع القوات الموجودة على أرض الصومال.



وقد كتبت العديد من التقارير في تلك الفترة أشارت جميعها إلى فشل الأمم المتحدة في إدارة أزمة المجاعة مما دفع الرئيس الأميركي بوش الأب قبل أسابيع من خروجه من البيت الأبيض إلى أن يعلن عن تدخل أميركا في الصومال بسبعة وعشرين ألف جندي وقيل ثمانية وعشرين تحت ستار إعادة الأمل في الصومال.

وقد اختلف المحللون حول الهدف الرئيس من التدخل الأمريكي في الصومال فمن قائل بأن الهدف من التدخل في الصومال هو إيجاد تبرير للرأي العام للقيادة الأميركية لكي لا تتدخل في يوغوسلافيا إذ من غير المنطقي التدخل في منطقتين وفي نفس التوقيت تقريبا ..

وقائل يقول إن أميركا تريد أن تشكل قوة لها في القرن الأفريقي تضمن من خلالها تنفيذ مصالحها؛ فوزيرة الخارجية الأمريكية أولبرايت ذهبت في تلك الفترة مرارا إلى القرن الأفريقي في محاولة منها لإيجاد نفوذ أميركي في المنطقة لأن كلا من فرنسا وإيطاليا كانتا تتمتعان بنفوذ كبير في تلك المنطقة من قبل، وكان الوجود الأميركي في القرن الأفريقي مهما جدا للسياسة الأميركية.



وقد أوصى الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غالي بتوصيات لمجلس الأمن كانت وراء استصدار قرار 814 في 26 من مارس للتغطية على الوجود الأميركي في الصومال .. حيث نَصّ القرار على أنه يجوز لقوة الأمم المتحدة بدلا من مواصلة مهمة حفظ السلام التي قامت بها القيام بعمليات فرض السلام إذا اقتضى الأمر، وهذا يعني التفويض الدولي بشن الحرب على المليشيات الصومالية وبهذا تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن قد فوّضا القوات الأميركية الموجودة في الصومال لقمع المليشيات الصومالية.

وعندما دخلت هذه القوات في مواجهة مباشرة في خمسة يونيو عام 1993 حينما هوجمت وحدة باكستانية تابعة للأمم المتحدة وقُتل 26 جندي باكستاني وجُرح آخرين سرعان ما صدر قرار مجلس الأمن رقم 837 لتأديب عيديد.

وفي 12 يونيو من نفس العام تحولت قوات الأمم المتحدة إلى قوات محاربة بهدف إعادة الأمن والنظام إلى جنوب مقديشيو وكانت هذه أول مرة في تاريخ الأمم المتحدة منذ أحداث كوريا عام 1950 تتحول قوات الأمم المتحدة إلى قوى محاربة ويصدر لها قرار بالمواجهة والدخول في حرب.



وعلامة التعجب التي لا تزال تطرح نفسها أنه في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة تدلل كراديتش وملاديتش ومجرمي الحرب في البوسنة ليفعلوا ما شاؤوا في الصرب لم يتم استصدار أي قرار لردعهم، ولكن بمجرد ما ارتكب عيديد خطأ ضد قوات الأمم المتحدة تم استصدار القرار بتحويل القوات الأممية إلى قوات محاربة .

وقد أوضح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون –والذي خلف بوش الأب في السلطة-في مذكراته أن القوات الأميركية في الصومال كانت تنفذ أوامر بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة والأدميرال هاو قائد قواتها هناك، وهذا يعني أنه حمّل الأمم المتحدة مسؤولية ما حدث في الصومال بعد ذلك سواء للقوات الأميركية أو لقوات الأمم المتحدة نتيجة القرار الذي تحولت بموجبه من قوات جاءت للقضاء على المجاعة إلى قوات جاءت لتحارب.. وتحولت القضية كما قال عضو مجلس الشيوخ السيناتور روبرت بيرد إلى عمليات "عسكر وحراميّة" بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة في الصومال.



واستطاع عيديد أن يحقق العديد من الانتصارات على قوات الأمم المتحدة والقوات الأمريكة المدعومة بغطاء أممي وأصبحت الأمم المتحدة وكذا أمريكا أضحوكة أمام العالم وحدث انقسام خطير في المجتمع الدولي بعد رفض الجنرال الإيطالي لوي تنفيذ الأوامر الصادرة له من قائد القوات الأممية هناك بالقيام بعملية عسكرية ضد عيديد، وأنهى المشكلة بالتصالح مع الصوماليين وقال لقد كنا دولة محتلة للصومال ونعرف كيف نتعامل مع الصوماليين، وقد أَعلنت الأمم المتحدة إقالة الجنرال لوي، ولكن إيطاليا رفضت قرار الأمم المتحدة، وطلب وزير الدفاع الإيطالي آنذاك فابيو فابري من الأمم المتحدة وقف جميع العمليات العسكرية في الصومال وسرعان ما تخلخل الموقف الدولي نتيجة تضارب المصالح ودخلت الأمم المتحدة في أزمة مع إيطاليا.

في يوليو 1993 انتقد إيان إلياسون وهو الأمين العام المساعد للأمم المتحدة الطريق الذي سلكته الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة الصومالية فقال إنه قد تم رصد 166 مليون دولار فقط للمجاعة في حين تم رصد مليار ونصف مليار دولار خلال عام واحد للعمليات العسكرية وملاحقة عيديد. وقال إن المجتمع الدولي يُنفق على الجنود في الصومال عشرة أضعاف ما ينفقه على المساعدات المقدمة للصوماليين، وقد علق الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غالي بعد أن ترك منصبه كأمين عام للأمم المتحدة بأنه إذا كانت هذه الأرقام صحيحة فهذا دليل على فشل الأمم المتحدة في هذه العملية .



العسكريين الكويتيين والسعوديين والمصريين والإماراتيين انضموا للموقف الإيطالي ورفضوا مواصلة القتال ضد عيديد، الأحزاب الألمانية طالبت باستدعاء القوات الألمانية، باريس أيدت روما في هذا الوضع وبالجملة فإنه بمجرد انسحاب القوات الأمريكية فإن التعليمات قد صدرت لكافة القوى الأخرى بالانسحاب من الصومال بينما كان عيديد يواصل خطاباته بالقتال ضد الفاشيين والمحتلين.



كان هناك هدفا أساسيا للقوات الأميركية من وراء تواجدها هناك، فقد صرح روبرت أوكليل المبعوث الأميركي الخاص السابق للصومال، في تصريحات نُشرت في مجلة الوسط العربية في 21 يونيو 1993 قال إن الهدف من هذه الغارات ليس كما يبدو ردا على مقتل الباكستانيين لكنه خطوة أولى لاجتزاز العقبات الكبيرة التي تعترض الحل السياسي وتأليف حكومة وطنية، وهذا يظهر وجود مشروع أميركي كبير في الصومال أقرب ما يكون بالمشروع العراقي الحالي، وللتأكيد عليه قال جوناثان هاو لمجلة نيوزويك الأميركية في عدد أول يوليو 1993 إن هناك خطة إصلاح سياسي أميركية في الصومال من المفترض أن تنتهي قبل مارس 1995 ، يعني كان الهدف من وراء هذا أن تؤسس أمريكا حكومة في الصومال وعيديد كان يرفض هذه القضية ..

في 3 أكتوبر 1993 مُنيت القوات الأميركية بهزيمة فادحة، أُسقطت طائرتي هليكوبتر، وقُتل 18 جندي أميركي، أصيب 84 آخرين كما جاء في مذكرات كلينتون بعد هجوم فاشل على أحد مواقع عيديد وجَرّ الحُفاة العُراة الجوعى الصوماليون جثة أحد الطيارين الأميركان في شوارع مقديشيو، صوّرها الإعلام العالمي، قامت الدنيا ولم تقعد ولم يجد كلينتون مفرا من التوصل إلى حل سياسي لا يبدو استسلاما كما قال غالي في كتابه خمس سنوات في بيت من زجاج. والنتيجة هزيمة عسكرية لأميركا وسياسية للأمم المتحدة.

بعد هذه الهزيمة كان واضحا أن كلينتون وإدارته سوف يلقيان باللوم على الأمم المتحدة في الفشل الذريع الذي مُني به القنّاصون الأميركيون في جنوبي مقديشيو .

في 16 أكتوبر 1993 وجّه كلينتون بيان لمجلس الشيوخ قرر على إثره سحب القوات الأميركية من الصومال واتُهمت الأمم المتحدة أنها أسندت للقوات الأميركية مهمة ينبغي أن تقوم بها الشرطة.



ونشرت نيوزويك مقالا تحت عنوان انطفأ بريق الأمم المتحدة، جاء فيه أنه بعد أن دعم الرئيس كلينتون الأمم المتحدة باعتبارها صانعة السلام في العالم، وقع خلاف حاد بينهما بشأن الصومال كشف عن عدم الارتياح تجاه الأمين العام بطرس غالي ، وكان هذا بداية أزمة الثقة بين بطرس غالي الأمين العام وبين الولايات المتحدة.

وقد كُتبت دراسات أميركية ملخصها أنه كان هناك بالفعل خلاف بين القيادات الأميركية الموجودة في الصومال وبعضها البعض حيث أشارت التقارير النهائية إلى أن قوات دلتا قامت بهذه العملية دون أن تخبر أحدا وكانت العملية سرية .. وقد استطاعت القوات الماليزية في النهاية من إنقاذ القوات الأميركية من خسائر فادحة .. وكما يقول المؤرخ الأميركي المشهور كيندي فإن القوة الكبرى دائما ما تهزم من قوة صغرى لا تكون مكافئة لها مطلقا في القوة أو في وسائل الحرب؟

في النهاية استطاع عيديد أن يوجه عدة صفعات للولايات المتحدة وبقي إلى أن مات موتا طبيعيا على حد زعم البعض ومتأثرا بجراح لحقت به جراء إحدى المعارك في العام 1996 على قول آخرين.



وبعد مرور ستة عشر شهرا على الصَيحة التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب موفدا مع ثمانية وعشرين ألف جندي أميركي إلى الصومال تحت شعار إعادة الأمل وقف قائد القوة الأميركية الجنرال توماس مونتجمري في 25 مارس 1994 ليعلن عن رحيل آخر جندي أميركي من الصومال بحلول الحادي والثلاثين من مارس عام 1994 وهو التاريخ الذي حدده الرئيس الأميركي كلينتون .

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس