عرض مشاركة واحدة

قديم 14-07-09, 08:42 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

المحاكم الإسلامية النشأة والمسار



لقد انقسم العالم حول فهم حقيقة المحاكم الإسلامية التي ظهرت على الخريطة السياسية للصومال إلى فصيلين؛ الإسلاميون على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم استحسنوا تلك المحاكم والمنتسبين لها ولهجت ألسنتهم بالدعاء لهم .

في حين وصف العلمانيون ومن على شاكلتهم المحاكم الإسلامية بأنها ليست فقط تستضيف أجانب أو تؤوي جماعة القاعدة، بل ادعت أن ذلك هو الضرر الأخف، وأن الأشد خطرا منه أن بالصومال تنتشر أفكار التكفير ومنهج الإرهاب بصورة أشد من تلك التي ينتهجها ابن لادن، كما زعموا بأن "السرورية" قد تمثلت في الاتحاد الإسلامي في الصومال والذي ضم العديد من الحركات التكفيرية بما فيها القاعدة، كذلك قالوا بأن جماعة القاعدة في الصومال تعمل تحت اسم آخر وهو "جماعة الجهاد والدعوة" وادعوا أيضا أن رموز القاعدة من الصوماليين قد فاق عددهم الثلاثة آلاف شخص، ولهم بين المحاكم في مقديشو رموزا قيادية تسيطر على المحاكم بحكم أنهم من أبرز الممولين وعملهم من داخل الاتحاد الإسلامي الصومالي.

وإمعانا في ضرب "الإرهاب" روج العلمانيون لما قد تردد من أن الإخوان المسلمين قد راقت لهم المحاكم الإسلامية بالصومال فدعموهم من كل أنحاء العالم فنشطت رموزهم بين القبائل واتسعت الفكرة ثم قدموا الدعم المالي لشيوخ القبائل ليفسحوا لهم المجال، فأسست محاكم قبلية متفرقة توحدت فيما بعد لتصبح اتحاد المحاكم الإسلامية برئاسة العقيد حسن ضاهر، وهو قائد جيش الاتحاد الإسلامي والمشهور لدى أهل العلمنة بفكره المتطرف الثوري –كما يزعمون-، كما ادعوا أنه كان يذهب إلى باكستان مرارا للقاء ابن لادن .
وخلاصة قولهم أن جميع التنظيمات المتطرفة في العالم قد اجتمعت في هذا الاتحاد الإرهابي للمحاكم وأن رموز القاعدة هي التي تقودهم على طريقة طالبان لذا يرى هؤلاء أن من يدعمون المحاكم المتطرفة في الصومال سيضطرون لتركها والتبرأ منها لأنها ستجرهم إلى ملاحقة من المجتمع الدولي .
والحقيقة أن الحاجة –حاجة الشعب الصومالي- هي التي أدت لظهور المحاكم الإسلامية وعلو نجمها، فالحاجة إلى الشعور بالأمان من أهم الحاجات البيولوجية، حاجة تأتي بعد الحاجة إلى الطعام والشراب حسب ترتيب علماء الاجتماع، ولكن الكثيرين في الصومال فضلوها على الطعام والشراب غير الموجود أصلا، وكان الحل في ظل غياب حكومة عجزت عن فرض الأمن من عام 1991 هو البحث عن البديل، فكانت "المحاكم الشرعية" هي الحل الذي لجأ إليه الصوماليون لا كما صورهم أولئك على أنهم تكفيريين ارتكبوا في حق الشعب الصومالي الجرائم والفظائع فجلدوا الحامل وقطعوا الأيادي، متناسين ما فعله أمراء الحرب الرحماء بزعمهم والذين صهروا البلاد في بوتقة مشتعلة أكلت الأخضر واليابس، وأجرت دماء ما يربو على النصف مليون صومالي .

لقد بدأت المحاكم الشرعية في الظهور على الساحة الصومالية في عام 1994 بعد أن هدأت حدة الحرب الأهلية، وبدأ متمردو الميليشيات في العودة إلى قبائلهم مرة أخرى يحملون السلاح، بدأت المشاكل في الظهور على السطح وفشل "أمراء الحرب" وقادة الميليشيات في السيطرة عليها .
احتقنت الأوضاع الأمنية وتزايدت الانتهاكات وغابت العقوبات، ولاح الحل عندما اجتمع زعماء القبائل المتواجدة في شمال العاصمة الصومالية "مقديشيو" وقرروا إنشاء "المحاكم الإسلامية" من أجل محاولة فرض الأمن، ووافق على إنشائها أمراء الحرب؛ لأنهم لم يجدوا فيها تهديدا لقوتهم .
و"المحاكم الإسلامية" لفظ تم إطلاقه على منظومة متكاملة لإقرار الأمن، تشمل بين أجنحتها قوات مسلحة مدربة، ومحكمة تقوم على فصل المنازعات والحكم في المخالفات حسب الشريعة الإسلامية، وسجون يحبس فيها من يتم الحكم عليه بالحبس، وكانت كل محكمة مختصة بالفصل في النزاعات وحل المشكلات التي تواجه القبيلة الواحدة وبين أبنائها .
وتنامى نفوذ المحاكم الإسلامية في ظل الحاجة إلى من يفرض الأمن وغياب أمراء الحرب عن الساحة، وانشغالهم في المفاوضات على السلطة ومحاولة كل منهم للحصول على نصيب الأسد منها، وعندما أفاقوا على الواقع كان الحل هذه المرة هو "الحل"، فقد تم حل جميع المحاكم الإسلامية وإغلاق الأماكن التابعة لها.

عادت هذه المحاكم للظهور مرة أخرى في عام 1999 وظلت في صعود مستمر حتى وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث انتشر الخوف العالمي من كل ما يحمل كلمة "إسلامي" بين جنباته، فانزوت هذه المحاكم بعض الشيء واستمرت في العمل الصامت .
وفي هذه المرحلة أوقفت المحاكم الإسلامية تطبيق الحدود، كقطع يد السارق والرجم والجلد العلني، التي كانت تطبقها في مرحلتها الأولى، وهو ما جلب عليها انتقادات واسعة من قبل المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، فاكتسبت اسم "المحاكم الشرعية" .
وبداية من عام 2004 ظهرت المحاكم "الشرعية" على الساحة مرة أخرى، وبقوة وبدعم من رجال أعمال صوماليين، كانوا يرون المحاكم الإسلامية قوة قادرة على حماية الأمن وسلامة العملية التجارية من جهة ولكي يرفعوا عن أنفسهم تلك الإتاوات التي فرضها أمراء الحرب لتمويل حربهم من جهة أخرى .
كما شهد عام 2004 تطورا إيجابيا في مصلحة تلك المحاكم، عندما تحولت من محاكم قبلية تختص كل محكمة بقبيلتها فقط إلى شبكة من المحاكم يسيرها إسلاميون ينتمون إلى قبائل مختلفة تتعاون فيها بينها وتقوم بأعمال مشتركة، ثم اندمجت هذه المحاكم في كيان جديد تحت اسم "اتحاد المحاكم الإسلامية" تنضوي تحته حوالي 11 محكمة في العاصمة مقديشو، وتم اختيار الشيخ "شريف شيخ أحمد" رئيسا لها .
في هذا الوقت كان أمراء الحرب مشغولون بالمفاوضات السياسية حول تشكيل الحكومة والبرلمان، وأصبحت المحاكم الشرعية ذات قوة أكبر وتمتلك المئات من المقاتلين المدربين ولها مقرات وتعقد الاجتماعات والمؤتمرات وتتشاور وتعد نفسها للأفضل .
وبالطبع كان التوتر موجودا بين أمراء الحرب والمحاكم الشرعية في تلك الفترة، رغم عدم حدوث مواجهات عسكرية كبيرة بين الجانبين لأسباب كثيرة منها اختطاف نشطاء إسلاميين صوماليين على يد زعماء الحرب وتسليمهم إلى الولايات المتحدة لاستجوابهم خارج الصومال.

وكذلك تنفيذ مداهمات مشتركة بين قوات خاصة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) وميليشيات زعماء الحرب قتل فيها إسلاميون واعتقل آخرون . كما كانت عمليات ترحيل الإسلاميين المختطفين تتم عبر مطارات خاصة تابعة لزعماء الحرب موجودة حول العاصمة مقديشو.
ولكن الأوضاع تغيرت إلى الأسوأ وتفجرت بين الطرفين في 18 مايو 2006، عندما أعلن 11 من زعماء الحرب الصوماليين، بينهم أربعة وزراء في الحكومة الانتقالية، عن تأسيس تحالف جديد يدعى "التحالف من أجل إعادة السلام ومكافحة الإرهاب". ومهمة هذا التحالف، كما جاء في بيانه التأسيسي، "القضاء على الإرهابيين الأجانب الذين تؤويهم المحاكم الإسلامية في الصومال" .

وكان النصر من نصيب المحاكم الشرعية حيث دحرت أمراء الحرب واحدا تلو الآخر واضطر بعضهم للتسليم وإلقاء السلاح وصارت القبائل الواحدة تلو الأخرى تنضوي تحت لواء المحاكم الشرعية حتى سيطرت على العاصمة مقديشو وأغلب بلدات الجنوب، مما حدا بالسلطة المؤقتة إلى فتح باب جديد تحت مسمى التفاوض من أجل صومال آمن .

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس