عرض مشاركة واحدة

قديم 31-05-09, 05:15 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي الصحراء الغربية .. المغرب أم البوليساريو؟



 

أحسب أن قصة الصحراء الغربية من القصص التي يجب أن ينتبه إليها المسلمون بقوَّة، ليس في المغرب وحدها، ولكن في كل بلاد العالم الإسلامي؛ فوضعها خطير، وقد يكون له تداعيات على المنطقة كلّها. ولقد ذكرتُ في المقال السابق "المغرب وقصة الصحراء الغربية" بداية القصة، وعرفنا الأطماع الاستعمارية الفرنسية والإسبانية في المنطقة، ورأينا كيف سبقت إسبانيا باحتلال منطقة الصحراء الغربية الواقعة في منتصف المملكة المغربية آنذاك، وذلك في سنة 1884م، ثم تبعتها فرنسا باحتلال جنوب المغرب (المعروف الآن بموريتانيا) سنة 1902م، ثم تطور الأمر في سنة 1906م عندما أقدمت فرنسا وإسبانيا على احتلال بقية أجزاء المغرب؛ حيث احتلت إسبانيا منطقة الريف في أقصى شمال المغرب، واحتلت فرنسا بقية أجزاء المغرب؛ لتقع المملكة بكاملها في براثن المغتصبين من الفرنسيين والأسبان.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةمحمد عبد الكريم الخطابي في مصرورأينا جميعًا أن هذا الاحتلال لم يكن من فراغ، فقد كان الحكم في المغرب آنذاك في غاية الضعف، وكان الولاء للدول الأوربية هو السائد، ولم تكن هناك رؤية سليمة عند معظم من أداروا الأمور في هذه الفترة.. ومع ذلك فإننا رأينا حركة واعية من الشعب المغربي الأصيل، الذي لم يكتفِ بمقاومة المستعمرين، إنما ثار على سلاطينه المرّة تلو المرة، بل قام بخلع بعضهم ممن يوالون الأجانب صراحة، وقامت حركة الأمير المجاهد عبد الكريم خطابي ثم ابنه محمد عبد الكريم الخطابي، إلا أن الأخير - برغم نجاحه في أكثر من موقعةٍ في مقاومة المستعمر الإسباني - قد تَمّ اعتقاله، ونفيه إلى جزيرة ريونيون بالمحيط الهندي.


هدأت الأمور نسبيًّا بعد نفي محمد عبد الكريم الخطابي، وتولى السلطنة في المغرب السلطان محمد بن يوسف المعروف بمحمد الخامس، وذلك في سنة 1927م، واستقرت الجيوش الفرنسية والإسبانية في كل قطاعات المغرب من
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالسلطان محمد الخامسأقصى الشمال إلى جنوب موريتانيا.. وحدثت بعض الصراعات بين الجيشيْن الأوربيين نتيجة اختلافهما على تحديد أملاك كل واحد منهما! وانتهى الأمر في سنة 1932م باتفاقية ضمت كل أجزاء الصحراء الغربية إلى إسبانيا، وتحديدًا إقليم الساقية الحمراء في شمال الصحراء الغربية، وكذلك إقليم وادي الذهب في جنوب الصحراء الغربية.

ثورة الشعب المغربي
استمرت ثورات الشعب المغربي الأصيل، سواءٌ في الشمال أو في الصحراء الغربية أو في موريتانيا، وزادت حدة الثورات في سنة 1952م عندما عزل الفرنسيون السلطان محمد الخامس، ووضعوا مكانه رجلاً آخر هو محمد بن عرفة، ولكن فرنسا ازدادت في قمعها للثورة، وقامت بنفي السلطان محمد الخامس، وابنه الحسن إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر، وذلك في سنة 1953م.
ولكن هذا لم يهدِّئ الثورة، بل زادت وتوهجت، وعُرفت بثورة "الملك والشعب"، وشعرت فرنسا أن الأمور تخرج من يدها، فاضطرت إلى إعادة السلطان محمد الخامس إلى المغرب 1955م، بل قامت بالجلاء عن الشمال المغربي سنة 1956م؛ لينال هذا القسم من المغرب استقلاله، وفي نفس الوقت رحلت إسبانيا عن منطقة الريف في أقصى شمال المغرب، وإن ظلت تسيطر على مدينتي "سبتة ومليلية".
ومع استقلال هذا الجزء من المغرب إلا أنّ الصحراء الغربية ظلت تحت الاحتلال الإسباني، وكذلك موريتانيا ظلت تحت الاحتلال الفرنسي، وازدادت الثورات في هذه المناطق لتحقِّق التحرير كما حدث في الشمال، لكنَّ الاستعماريْن الفرنسي والإسباني قاما بالتنسيق معًا سنة 1958م في اتفاق أم قرين (شمال موريتانيا)؛ لقمع ثورات المسلمين في هذه المناطق. وبالفعل تم القضاء على الحركة المسلحة في منطقة الصحراء الغربية، وفي نفس السنة 1958م لتتوقف لأكثر من عشر سنوات عن المقاومة، لكن الأمر في موريتانيا كان مختلفًا؛ حيث أدت الثورات إلى خروج فرنسا من موريتانيا سنة 1960م، لتعلن هذه المنطقة استقلالها، ولكن كدولة منفصلة عن المغرب، وهي المعروفة الآن بدولة موريتانيا.
انقسام على السيادة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالملك الحسن الثانيشعرت إسبانيا بالقلق الشديد لاستقلال المغرب وموريتانيا، ومِن ثَم أعلنت سنة 1961م أن الصحراء الغربية محافظة إسبانية، في محاولة لصرف أذهان المغاربة تمامًا عن هذه المنطقة. وفي هذا الوقت توفِّي السلطان محمد الخامس ليخلفه في حكم المغرب ابنه الملك الحسن الثاني، الذي آثر الطريق السلميّ في حل مشكلة الصحراء الغربية وموريتانيا، فلجأ إلى الأمم المتحدة لكي يطالب بتحرير الصحراء الغربية، وضمّ موريتانيا إلى المغرب كما كانت قبل الاحتلال الفرنسي لها، وهذا - لا شك - أدى إلى أزمة واضحة بين المغرب وموريتانيا.


تحررت الجزائر في سنة 1962م من الاحتلال الفرنسي، وما لبثت أن دخلت في صراع عسكري مع المغرب الشقيق بخصوص منطقة تندوف، وهي أرض مغربية ضمها الاستعمار الفرنسي للجزائر، وطالب بها المغرب بعد استقلال الجزائر، لكنْ لم يتوصل الطرفان إلى حل؛ فدارت معركة عُرفت بـ "حرب

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةاستقلال الجزائر عن فرنسا سنة 1962
الرمال" سنة 1963م، كانت لها تداعيات سلبية كبيرة على قصتنا، وسوف نُفرِد لها مقالاً لاحقًا - بإذن الله - للحديث عن العَلاقات الجزائرية المغربية، نوضح فيه هذا الملف بالتفصيل.

تدخلت الدول العربية لحل النزاع، وتم بالفعل وقف الحرب، لكن ظلت البراكين في النفوس؛ فقد بقيت تندوف بيد الجزائر، وهذا - لا شك - سيكون له أثر مستقبلي على قصة الصحراء الغربية.
ظلت الأمور ساكنة في الصحراء الغربية، مع مطالبات في الأمم المتحدة خاصة بقضية الصحراء، والجديد في الأمر أن كلاًّ من المغرب وموريتانيا بدأتا تطالبان بالصحراء الغربية! ومِن ثَمّ انقسم العرب على أنفسهم حتى في الأمم المتحدة !
في سنة 1970م قامت انتفاضة عسكرية في مدينة العيون في الصحراء الغربية عُرفت بانتفاضة الزملة، تطالب بتحرير الصحراء الغربية من إسبانيا، وقامت إسبانيا بقمع هذه الانتفاضة بعنف شديد، وقُتل واعتقل عدد كبير من الصحراويين، لكن الأمور لم تهدأ، بل استمرت المقاومة بقوة.
وفي 10 مايو 1973م تأسست جبهة عسكرية من أهل الصحراء الغربية تهدف إلى مقاومة المحتل الإسباني، وقد عُرفت هذه الجبهة باسم البوليساريو. وكلمة البوليساريو عبارة عن الحروف الأولى لكلمة "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب"، وهذا باللغة الإسبانية. وقد بدأت الجبهة حربها مباشرة مع المستعمر الإسباني بعد عشرة أيام من تأسيسها.
كان التوجُّه العام لجبهة البوليساريو توجُّهًا شيوعيًّا ماركسيًّا، ومن ثَم فقد حصلت على الدعم مباشرة من ليبيا ثم من الجزائر، والذين كانوا ينتمون إلى نفس الاتجاه، بينما كان توجُّه المغرب أمريكيًّا واضحًا، وهذا يؤثر على الأوضاع كما هو معلوم.

 

 


 

   

رد مع اقتباس