الموضوع: الحرب الخاطفة
عرض مشاركة واحدة

قديم 08-05-09, 06:32 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الهجوم الخاطف

يعتمد الهجوم الخاطف الحديث، على الآتي:
1. هجوم عام بقوات المشاة، وأسلحة الدعم والمعاونة بالمواجهة، بهدف احتلال أجزاء من الأرض- رؤوس كباري، في اتجاه نقط الضعف للعدو.

2. سرعة طي أجنحة العدو وأجنابه، وتهديد المؤخرة، وحيث إن الجيوش الحديثة، عادة، لا تترك أجناباً معرضة، وغير مؤمنة، فإن على القوة المهاجمة إيجاد الظروف المناسبة بتركيز الضغط عليها. وعلى المهاجم أن يتغلغل، قبل أن يحتوي أو يؤمن الجزء، الذي تركه اندفاعه للأمام، وذلك بالبحث عن النقط الضعيفة، وتركيز الهجوم في اتجاهها، ومن ذلك نجد أن الانقضاض يسبقه تسلل.

3. تأتي مرحلة الانقضاض، بتركيز الهجوم على جبهة ضيقة، وتحقيق التفوق المحلى، وتوصف هذه الطرق بالألمانية، في كلمتين سكوربنكت Schwerpunkt أوفرلن Aufrollen وهما أهم مظاهر إستراتيجية الحرب الخاطفة.

أ. سكوربنكت Schwerpunkt
تعني التفوق المحلي خلال المعركة كلها، والتحركات فيها تعني البحث المستمر عن أضعف النقط، في خطوط مقاومة واستمرار التحرك للأمام، والضغط على العدو، للمحافظة الدائمة على المبادأة والمفاجأة، ويستخدم أساساً القوات المدرعة.

ب. أوفرلن Aufrollen
تعني الاندفاع الجانبي، بالاستغلال الفوري للنجاح المحلي في "السكوربنكت"، وعلى ذلك فإن "الأوفرلن" تحمي أجناب السكوربنكت وتؤمنها، ويستخدم فيها المشاة الميكانيكية.

4. إدارة معركة الهجوم الخاطف، تتطلب وحدات هجوم، مجموعات قتال مدرعة، يحقق تشكيلها، عملياً، الاستقلال في أعمال القتال، والقدرة على العمل، معتمدة على نفسها، وهذه الوحدات تشمل الوحدات المقاتلة، والعناصر المعاونة، وعناصر الدعم، مما يتطلب لا مركزية في القيادة، وإدارة أعمال القتال.

أساليب الجيوب والاندفاع

1. إن التنظيم النظري للتفوق المحلي، أي السكوربنكت، الذي يضغط باستمرار على النقط المحلية الضعيفة، يؤدى إلى تكوين الجيوب، التي تعد من مظاهر المعركة الحديثة بالمفهوم العملي التكتيكي. وهاتان الفكرتان، (السكوربنكت والأوفرلن)، تؤديان إلى التكتيكات المعروفة في العقيدة الألمانية، باسم تكتيكات المساحات والثغرات Tactics of Space and Gap. فالمعركة الحديثة لم تبق تدور على جبهة عريضة، بل تدور على جبهات ضيقة متعددة، في مساحة واسعة. وبهذا فهي تظهر كحلقات من الأعمال المحلية المرتبطة ببعضها، عن طريق مواصلاتها الداخلية، وتنفيذ هذه الأساليب في أعمال الهجوم، يدعو إلى تنظيمات متحركة للسكوربنكت، ويجب أن يكون التنظيم ملائماً لمواقف إدارة المعركة، لا من وجهة نظر التشكيل فقط، بل فيما يختص بالقيادة أيضاً.

2. يتم اختيار اتجاه الاندفاع قبل المعركة، بعد استطلاع جيد، ويتم تعديله في أثناء المعركة، بالضغط في كل اتجاه، والاصطدام المباشر مع العدو، للبحث عن النقط/ الاتجاهات الضعيفة، والتطوير في اتجاه أقل لخطوط مقاومة، واختيار نقطة اندفاع جديدة، ودفع الاحتياطي في اتجاهها. ومن ذلك نجد أن سير عملية اختراق مقاومة العدو، هي سلسلة من الهجوم على أجنحة مقاومة العدو، وتدفق مستمر للقوات المتقدمة من الخلف للأمام، ومحاولة العثور على أسهل الثغرات مصحوبة بتطويق أجناب أي ثغرة لتوسيعها لعبور القوات الرئيسة.

3. ويعد القتال، بأسلوب سكوربنكت، ذا ثلاث مراحل رئيسة كالآتي:
المرحلة الأولى: تشتيت انتباه العدو المدافع، في كل اتجاه، ويظل جامداً في كل اتجاه.

المرحلة الثانية: المحافظة على التفوق والمبادأة والمفاجأة للقوة المهاجمة.

المرحلة الثالثة: خداع العدو عن النوايا ومهمة الاحتياطي.

4. عُرف أسلوب سكوربنكت عند الفرنسيين باسم Effort Principal أي المجهود الرئيس أما الأوفرلن، فعرف باسم Enlevement، أي التطوير أو التصعيد. غير أن أهمية هذين الأسلوبين، عند الفرنسيين أقل، وتغلب عليها الناحية العلمية، أما عند الألمان، فإنها أخذت اهتماماً عالياً، وغلبت عليها الناحيتان العلمية والعملية، ويمكن تطبيقها على المستوى التكتيكي والتعبوي والإستراتيجي.

الهجوم في مواجهة ضيقة

تعود معركة الجبهة الضيقة إلى تعليمات كلاوزفيتز، مع تطويرها لتتلاءم مع طبيعة الحرب الحديثة. وتعد نظم التسليح، والمبادأة، والمفاجأة، والسرعة مفاتيح النصر التي يمكن، في بعض الحالات، أن تغني عن التفوق في القوات. كما أن حصول القوات المدرعة والميكانيكية والقوات الجوية على المفاجأة والسرعة أكثر سهولة.

إن استخدام القوات المدرعة والميكانيكية، جعل من الممكن استخدام الأفكار الكلاسيكية الخاصة بتركيز الجهود، عند النقطة الحاسمة، ولكن بشكل جديد، والذي أطلق عليه نقطة الاندفاع Thrust Point التي يمكن تغييرها في المسافة أو الاتجاه، كما يمكن تحويل الجهود الرئيسة في اتجاه أضعف نقط العدو. كما أن القوات المدرعة والميكانيكية، جعلت من الممكن الاحتفاظ بالاحتياطي الإستراتيجي، على عمق حوالي 200 ـ 300 كم من الحد الأمامي للدفاع، مما يحقق إمكانية استخدامه في أكثر من اتجاه، لا في اتجاه واحد، وهو ما أطلق عليه "التركيز المرن أو عدم التركيز"، وهناك مقولة مشهورة لكلاوزفيتز: "ازحفوا متفرقين، واضربوا معاً".

وكان نابليون يجعل عدوه في حيرة، خاصة في تحديد نقطة تجمع القوات لخوض المعركة، وجعل العدو في شك دائم في تحديد اتجاه الضربة الرئيسة، مما يحرم العدو من تجميع قواته؛ لصد الهجوم من النقطة المحتملة.

شروط اختيار نقطة الاندفاع الإستراتيجي

1. توفر طرق ومحاور للانتشار والتغلغل في عمق العدو، بعد تجاوز نقطة الاندفاع.

2. أن تكون في منطقة لا تخدم استخدام العدو لاحتياطيه الإستراتيجي، مثل عدم توفر طرق ومحاور لاحتياطي العدو، أو وجود موانع طبيعية أو صناعية أو بعيدة نسبياً، من حيث المسافة والموقع، مع إمكانية اتخاذ تدابير مناسبة لعزل احتياطي العدو الإستراتيجي.

3. أن تحقق إمكانية تحويل الاندفاع بسرعة في اتجاه جديد، ولذلك يلزم توافر شبكة طرق عرضية للمناورة الجانبية، ويمكن أن تسمح بتقدم القوات بسرعة حوالي 15ـ20 كم/ ساعة، مع إمكانية إجراء تحرك لوحدات متعددة؛ بحيث تظهر كأنها متجهة إلى نقطة معينة ثم تحويل اتجاه تحركها، في آخر لحظة، إلى الاتجاه الحقيقي.

أهمية السرية والخداع

1. سرية التخطيط والتنفيذ، ومنها حظر خطة السير التفصيلية، وتقتصر على مجموعة معينة من ضباط القيادة، وحظر نشر نقطة الاندفاع الحقيقية وتحديدها، في آخر لحظة ممكنة.

2. كما أن إجراء الخداع يُعد من المسائل المهمة لخداع العدو، عن اتجاه التقدم، ونقط الاندفاع، وتركيز الجهود.

مزايا الهجوم في مواجهة ضيقة

تهاجم التشكيلات المدرعة، في شكل مجموعات قتال، وعلى موجات متتالية في جبهة ضيقة، وليست واسعة، ومن مزايا الهجوم الآتي:
1. قلة عدد الأسلحة المضادة للدبابات في مواجهة الهجوم الضيقة، عنها في المواجهة الواسعة.

2. سهولة السيطرة وإدارة المعركة للقوات، التي تهاجم في مواجهة ضيقة.

3. تحقُّقُ إمكانية حشد نيران المدفعية والقوات الجويةُ وتركيزها على أهداف العدو في المواجهة الضيقة، وتحقيق كثافة نيرانية عالية ومؤثرة.

4. مثال (افتراضي)
أ. فرقة مشاة للعدو تدافع في مواجهة ثمانية كيلومترات، وتملك 80 قطعة مضادة للدبابات، والقوة المهاجمة لواء مدرع، بقوة 100 دبابة، تهاجم في مواجهة كم واحد، وعلى ذلك، سوف يكون في مواجهتها من 10-15 قطعة مضادة للدبابات، منها 10 قطع من النسق الأول، وفي العمق خمس قطع مضادة للدبابات.

ب. سرعة الدبابة 500 متر كل دقيقتان.

ج. معدل أداء السلاح المضاد للدبابات 10 طلقات/ دقيقة يصل منها 50% إلى الهدف، أي تحقق إصابة 50% من الدبابات المهاجمة في النسق الأول.

د. في حالة الهجوم بمجموعات قتال متتالية، فإن القوة المهاجمة في النسق الأول تخسر حتى 16 دبابة، وفي حالة الهجوم بمجموعتي قتال في النسق الأول، تكون الخسائر حتى 35 دبابة، ويكون باقي قوة اللواء المدرع، وباقي قوة الفرقة المدرعة قادرين على مواصلة الهجوم.

هـ. وعلى ذلك يكون الهجوم في مواجهة كم واحد، ومواجهة 10ـ 15 قطعة مضادة للدبابات، أفضل من الهجوم في مواجهة ثمانية كم ومواجهة 80 قطعة مضادة للدبابات

استخدام القوات

1. القوات المدرعة والميكانيكية
يحتاج عمل القوات المدرعة والميكانيكية، إلى تنظيم خاص للفرق المدرعة والميكانيكية، لتنظيم العمل في شكل مجموعات قتال، تشمل قوة مدرعة وقوة ميكانيكية، ويتطلب إعداد القوات الميكانيكية وتدريبهم على اقتحام النقط القوية، وتوفير تجهيزات إدارية، وتسليحاً ودعماً من المهندسين العسكريين لتنفيذ هذه المهمة، ويمكن توفير قوات خاصة؛ لتنفيذ مهمة اقتحام النقط القوية للعدو.

في حالة هجوم جيش أو فيلق مكون من "فرقتين مدرعتين وثلاث أو أربع فرق ميكانيكية وفرقة مشاة إضافة إلى قوات خاصة"، فإن تسلسل الهجوم يبدأ بدفع فرقة مدرعة، قوة اقتحام، والاحتفاظ بالفرقة الأخرى، في الاحتياط، تستخدم عند فشل الفرقة الأولى، أو عند تحويل نقطة الاندفاع إلى اتجاه آخر، مع دفع فرقتين ميكانيكيتين لتوسيع ثغرة الاختراق بتخصيص فرقة للعمل على كل جانب، وتقوم الفرقة الثالثة الميكانيكية، أو القوات الخاصة، أو كلاهما، باقتحام مواقع العدو من الخلف، وتبقى الفرقة الرابعة الميكانيكية في الاحتياط، وتستخدم فرقة المشاة لتوسيع ثغرة الاختراق.

يتم الهجوم عادة في مواجهة حتى 20كم للفرقة('طبقا ً للعقيدة الألمانية')، ويخصص لها من 2-3 نقط اندفاع رئيسة، ومثلها تكون ثانوية، كل منها للقيام بعملية اختراق، في مواجهة 1-2كم، مع إسكات العدو على أجناب الثغرة، بنيران المدفعية والقوات الجوية، واستمرار توسيع الثغرة، عن طريق مهاجمة الأجناب والمؤخرة، ولا يدخل الثغرة باقي القوات الرئيسة المخصصة لتطوير الهجوم والمطاردة، إلا بعد توسيع الثغرة لتصل إلى 3-4كم.

ينفذ الهجوم المنظم بقوات مدرعة، على أساس الاندفاع بقوة عالية أكثر منه تغلغلاً، حيث إن التغلغل يعتبر أكثر بطئاً، في بحثه عن النقط الضعيفة.

كما أن استخدام القوة المدرعة في الاندفاع المدمر بالقوة، يجعل من الممكن للقوات الميكانيكية والقوات الخاصة، تطويق النقط القوية للعدو من الأجناب والمؤخرة، مع قيام المشاة بتوسيع ثغرة الاختراق وتعميقها.

فأولاً، يكون الاختراق بالقوات المدرعة، لتحقيق نجاح تكتيكي محلي، ثم توسيع الثغرات بقوات المشاة بالتعاون مع القوات الخاصة، وفي الوقت نفسه يتم تطوير الهجوم في العمق، وتحويل النجاح التكتيكي إلى نجاح إستراتيجي.

تعمل القوات المدرعة في شكل مجموعات/ أتيام، ويستخدم طاقم الدبابة، على أنه أساس في نقطة الاندفاع، وعندما يواجهون موقعاً

دفاعياً ليس فيه نقط ضعف ظاهرة وليس له أجناب معرضة، فإنه يتم التقدم وتمزيق أحد الأجناب بالقوة المطلقة.

2. استخدام المدفعية
يتطلب التطور في نظم التسليح وأساليب القتال للهجوم الخاطف، تنظيماً خاصاً للمدفعية الملحقة أو المعاونة، وأيضاً لا مركزية في القيادة والسيطرة وإدارة النيران، مع التوسع في ميكنة المدفعية، لتكون ذاتية الحركة، لخدمة سرعة تطور أعمال القتال في الهجوم الخاطف.

تستخدم نيران المدفعية بحشد وكثافة عالية، في نقط الاندفاع وثغرات الاختراق، مع إسكات العدو على الأجناب.

3. الاستطلاع
يعتمد نجاح الهجوم الخاطف، على معلومات الاستطلاع، لتحديد النقط الضعيفة في دفاعات العدو وأجنابه المعرضة، وأوضاع احتياطاته واستخدامها المحتمل.

ينفذ "استطلاع ضباط" لضباط هيئة القيادة وقادة التشكيلات والوحدات، لتأكيد معلومات الاستطلاع عن نقط الاندفاع الرئيسة والتبادلية.

يستخدم "الاستطلاع الجوي"، لعدة قطاعات من الجبهة، وفي العمق، لتوفير معلومات عن دفاعات العدو واحتياطاته ومركز ثقله، وطبيعة الأرض في العمق.

ينفذ "استطلاع بقوة" لأحد القطاعات، وفي حالة النجاح، تستغل الثغرة لتكون نقطة اندفاع للقوات المدرعة، وفي هذه الحالة ينفذ الاستطلاع بقوة في مواجهة 300- 500م، ومحاولة فتح ثغرة في اتجاهها، بالتعاون مع نيران المدفعية والقوات الجوية.

4. القوات الجوية
أصبحت القوات الجوية، مطرقة الحرب الحديثة، في ميدان القتال، التي أضافت بعداً ثالثاً للمعارك الحديثة، إذ إن المعركة الحديثة، هي قتال من أجل السيطرة على أرض المعركة، في المواجهة، والعمق، وفي الجو.

العمق، وزيادة كثافة النيران المؤثرة على العدو، إضافة إلى استخدام القذف الجوي تظهر أهمية القوة الجوية في الحرب الخاطفة، في تدمير العدو في ، في بعض المواقف الطارئة، بديلاً لنيران المدفعية في حالة تعثرها عن ملاحقة سرعة تقدم القوات المدرعة والميكانيكية.

تنفذ القوات الجوية مهام الاستطلاع الجوى، والحماية، والمعاونة، والنقل والإمداد، والإبرار والإسقاط الجوي، والقذف الجوي البعيد المدى.

5. القيادة والسيطرة
تتولى هيئة القيادة مهمة التخطيط الجيد لتحرك القوات، والهجوم الخاطف، وتطوير الهجوم في العمق، وتنسيق عمل القوات، واستخدام الإمكانيات المتاحة، ومن الضروري، أن تكون هيئة القيادة، قادرة على العمل بكفاءة وسرعة ودقة، لكل التفصيلات المهمة.

تعنى هيئة القيادة باختيار أكثر من نقطة اندفاع، واختيار أفضلها في اللحظة الأخيرة، وإعداد خطط بديلة، تتمشى مع تطور المعركة، حتى يكونوا دائماً على استعداد لتطوير التخطيط، من أجل مواجهة التغير السريع، في عملية نقطة الاندفاع، سواء باتخاذ اتجاه جديد أو قطاع جديد.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس