" يجب أن تشترك الوحدة في القتال حسب خطة مقررة ، وأن لا تترك لتنجرف في المعركة بدون هدف " .
" جورج مارشال "
إن ابسط تعريف للتخطيط العملياتي هو : " التفكير بالمستقبل وتحديد الأهداف التي ينبغي الوصول إليها . ومن ثم بيان أفضل الوسائل والأساليب اللازمة لتحقيقها " .
ولاشك بأن هذا التعريف على بساطته ينطبق على مختلف مجالات الحياة العسكرية العملياتية والإدارية والتقنية . فعملية التنبؤ بالمستقبل ووضع الخطط المناسبة لنقل الوحدة أو النشاط من الحاضر إلى المستقبل بإسلوب مدروس سيوفر أكبر قدر من فرص النجاح .
يبدأ التخطيط العملياتي عادة بتوجيهات إستراتيجية من القيادة العليا إلى قائد المسرح ، والذي يقوم بدوره بدراستها وتحويلها إلى توجيهات أكثر تفصيلا إلى القادة المرؤوسين وهيئات الركن الأدنى لاعتبارها كأساس لتقديرات الموقف التي يجرونها ، ومن ثم وإصدار الأوامر بما يتفق ومفاهيمها العامة .
تصدر التعليمات لبدء التخطيط للمهام المقبلة في ظروف العمليات عادة من قبل القيادات الأعلى إلى القيادات الأدنى. أما في الأزمات وخلال سير العمليات فقد تأتي المبادرة من الأدنى إلى الأعلى . وفي كلا الحالتين على المخططين أن يأخذوا في حسبانهم أساليب العدو وطبيعة قتاله وتوقعاتهم لأعماله الممكنة ، وبناء عليه يصممون خططهم الرئيسية والفرعية بحيث تجابه تلك الأعمال وتبطل أو تحد من فعاليتها على الأقل وذلك بغرض خدمة الخطة العامة للحملة .
يجري عمل الخطط على مستوى القيادات الدنيا عادة بصورة سريعة ، اعتمادا على الاستخبارات الفورية في ساحة المعركة . وقد تتألف تلك الخطط من شفاف العمليات مع ملحوظات مختصرة تبين : المهمة ، مفهوم العمليات ، الواجبات ، والتوقيتات الرئيسية . ولكن كلما ارتفع المستوى كلما تطلبت الخطط شمولا وتفصيلا أكثر بالاعتماد على استخبارات مؤكدة عن قوات العدو ونواياه المقبلة .
إن ميدان المعركة وقوات العدو يمليان طبيعة العمليات والمفاهيم العملياتية والإستراتيجية التي يجب إتباعها . وبدون تصور واضح للحرب الدائرة أو الوشيكة الوقوع ، فإن المخططين على المستويات العليا لن يكونوا قادرين على وضع توجيه تفهمه القطعات المرؤوسة لكي تنجز أهدافها المقررة . ولهذا فإن الخطة العامة تؤسس المنظور العام لكيفية إنجاز الأهداف الإستراتيجية للحرب والذي من خلاله تعمل القطعات المرؤوسة .
من المؤكد أن النواحي الأساسية في التخطيط السليم ، هي معرفة قصد القائد الأعلى وقوات العدو والبيئة العملياتية والإستراتيجية التي ستعمل بها القطعات . ومن ثم يتم استخدام العقيدة القتالية كقاعدة أساسية لبناء المفهوم العملياتي عليها وتطبيقها في المكان والزمان المناسبين من أجل التغلب على العدو .
يضع القادة المرؤوسين عند استلام واجباتهم تساؤلات معينة تتمثل في : ماذا ؟ من ؟ متى ؟ أين ؟ ولماذا ؟ ومن خلال الإجابة عليها يستخلصون فقرة " المهمة " والتي من حولها تتمحور تفصيلات الخطة مجيبة على السؤال : " كيف ؟ " .
إن حشد القوة المتفوقة من قبل قائد المسرح ضد نقاط ضعف العدو في المكان والزمان الحاسمين ، سيمكنه من تحقيق أهدافه الإستراتيجية . وكذلك الحال على المستوى العملياتي ، فإنهم يحاولون وضع نهاية مناسبة لمعاركهم بحيث تتزامن مع العمليات البرية والجوية والبحرية لضرب العدو في نقاط ضعفه ضمن مناطق مسؤولياتهم في مسرح العمليات . والعمليات البرية تتطلب غالبا حماية ضد قوات العدو الجوية وأحيانا ضد القوات البحرية . ولهذا على القادة أن ينفذوا عمليات الاستطلاع ، والتجريد ، والعمليات الخاصة ، والحرب النفسية بخطة متكاملة تسند الحملة بشكل عام