مطلع يونيو/حزيران 2022 أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن القوات الروسية سيطرت على 20% من الأراضي الأوكرانية.
كثفت القوات الروسية القصف المدفعي على منطقة دونباس ثم على سيفرودونيتسك الإستراتيجية، التي سقطت في أيدي الروس يوم 21 يونيو/حزيران 2022، تلاها إحكام قبضتهم على منطقة لوغانسك في الشهر التالي.
أمام هذا التقدم الروسي المتسارع، أعلن وزير الدفاع الأوكراني يوم 11 يوليو/تموز 2022 عن سعي بلاده لتشكيل جيش مليوني لاسترداد جنوبي البلاد من القوات الروسية، وفي 24 من الشهر نفسه أعلن زيلينسكي توجه قواته نحو خيرسون الواقعة تحت السيطرة الروسية.
وقد أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش واحدا من أشهر تحذيراته خلال العام، عندما قال إن "العالم على بعد خطوة واحدة غير محسوبة من الإبادة النووية"، مع احتدام المعارك في أوكرانيا. جاء ذلك في وقت تبادلت فيه موسكو وكييف الاتهامات بخصوص قصف استهدف محطة زاباروجيا النووية جنوبي أوكرانيا في الخامس من أغسطس/آب 2022، وسط تحذيرات من "كارثة نووية محتملة".
وقد هزت سلسلة من الانفجارات قاعدة ساكي الواقعة في غرب شبه جزيرة القرم يوم 11 أغسطس/آب 2022، تلاها هجوم بطائرة مسيرة استهدف أسطول البحر الأسود الروسي في شبه الجزيرة يوم 20 أغسطس/آب 2022. واستطاعت أوكرانيا بعد ذلك إحراز تقدم في بعض المناطق التي تسيطر عليها روسيا، مما دفع موسكو لتقوية موقفها ميدانيا من خلال أوامر أصدرها الرئيس الروسي بزيادة أعداد القوات الروسية بنسبة 10%.
أبرز تطورات الأحداث الميدانية شهدها شهر سبتمبر/أيلول 2022، إذ تمكنت القوات الأوكرانية من تحقيق تقدم على أكثر من جبهة، ففي 11 سبتمبر/أيلول 2022 أعلنت كييف عن مكاسب عسكرية كبيرة بعد هجوم سريع على القوات الروسية شرقي البلاد، أدى إلى انسحاب روسي من بلدات رئيسية.
كما أعلن الجيش الأوكراني أنه اكتشف "مئات الجثث في مقبرة جماعية" في مدينة إيزيوم التي سيطرت عليها من قبل القوات الروسية. ومع التقدم الأوكراني أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 21 سبتمبر/أيلول 2022 التعبئة العسكرية الجزئية وسط استنكار غربي للقرار.
تقدّمت القوات الأوكرانية جنوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2022 إثر انسحاب القوات الروسية من مدينة ليمان، فبدأت موسكو يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022 بإجلاء المدنيين من خيرسون، وهي العملية التي أتمتها روسيا يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022 استعدادا لمعركة خيرسون.
ثم أعلنت روسيا في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 استدعاء جنود الاحتياط والمدانين بجرائم خطيرة الذين غادروا السجون بهدف التعبئة وزيادة القدرات العسكرية.
وفي السابع من ديسمبر/كانون الأول 2022 قال بوتين إن خطر الحرب النووية يتصاعد، لكنه أشار إلى أن بلاده لن تكون المبادرة في استخدام أسلحتها النووية. واتهم الجيش الأوكراني في مطلع الشهر نفسه روسيا باستخدام صواريخ ذات قدرة نووية برؤوس حربية غير متفجرة من أجل استنزاف قدرات الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وعلى الرغم من التفاؤل الذي دب في صفوف القوات الأوكرانية، فإن الحكومة في كييف حذرت يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2022 من هجوم بري واسع النطاق محتمل من قبل القوات الروسية مطلع العام 2023.
مع حلول العام 2023 وعد الرئيس الأوكراني شعبه بتحقيق النصر، في وقت أصبح فيه الكرملين يتحدث عن "الحرب" بدل "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، حيث واصلت رحاها الدوران وسط تكثيف للهجمات الروسية، بينما أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية التصدي لعشرات الطائرات المسيرة التي أطلقها الجيش الروسي.
بعد نحو 11 شهرا من المعارك بين روسيا وأوكرانيا، تراجع عدد الدبابات التي يستخدمها الجيش الأوكراني في معاركه بسبب خسارة عدد منها، وخروج قسم منها من الخدمة بسبب انعدام قطع الغيار الضرورية، كون كل أسلحة أوكرانيا هي من مخلفات المرحلة السوفياتية، وروسيا هي المصدر الوحيد لقطع الغيار.
في فبراير/شباط 2023 بدأت روسيا، وفقا لحلف الناتو، هجومها الكبير. فقد استولت مجموعة فاغنر الروسية الخاصة على ضواحي مدينة باخموت، وبدأ الناتو يتعرض أيضا لضغوط متزايدة في ظل تباطؤ تسليم الأسلحة لأوكرانيا، التي بدأت مخزوناتها من الذخيرة في النفاد.
معركة القرارات
تزامنت الحرب الأوكرانية الروسية مع سلسلة من القرارات على الصعيد السياسي:
- يوم 26 فبراير/شباط 2022 أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض حزمة عقوبات متصاعدة الحدّة تجاه موسكو، إضافة إلى تمويل شراء أسلحة للجيش الأوكراني.
- يوم 28 فبراير/شباط 2022 أُعلِنت أوّل جولة من المفاوضات الروسية الأوكرانية، لكنها لم تفرز حقائق تترجم على ميدان المعركة نظرا للاختلافات الجوهرية في شروط وأولويات الطرفين.
- في الثامن من مارس/آذار 2022 بدأ التطبيق الأميركي لجدول العقوبات على موسكو، فأعلنت فرض حظر على الغاز والنفط الروسي.
- في العاشر من مارس/آذار 2022 رفضت الدول الأعضاء طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها أقرت مواصلة تقديم الدعم لكييف، كما أقرّ - - أيضا حلف شمال الأطلسي في الـ24 من الشهر نفسه تسليح القوات الأوكرانية لتطوير قدراتها على التصدي للهجمات الكيميائية والنووية.
- شهد شهر مايو/أيار 2022 مواصلة لجهود الدعم الغربي لأوكرانيا، إذ تعهدت مجموعة السبع بتقديم 19.8 مليار دولار.
- وافق الكونغرس الأميركي يوم 19 مايو/أيار 2022 على تقديم 40 مليار دولار لدعم جهود الحرب في أوكرانيا.
- يوم 30 مايو/أيار 2022 أعلن الاتحاد الأوروبي خفض وارداته من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام.
- في أغسطس/آب 2022 أقرت الولايات المتحدة حزمة مساعدات جديدة لكييف بقيمة 775 مليون دولار، وتعهد بايدن بمساعدات عسكرية لكييف بنحو 3 مليارات دولار.
- نهاية أغسطس/آب 2022 أعلن بوتين عن توقف إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب "غازبروم 1" بعلة الصيانة، مما أدى لتسجيل ارتفاع قياسي في أسعار الغاز في أوروبا.
- يوم 29 سبتمبر/أيلول 2022 نجحت روسيا في استفتاء شعبي في ضم 4 مناطق أوكرانية إليها.
- أواخر يناير/كانون الأول 2023 دخلت الحرب منعطفا جديدا بإعلان دول غربية إرسال دبابات إلى أوكرانيا، وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة التي أعلنت نيتها إرسال العشرات من دبابات "أبرامز" الشهيرة، إضافة لموافقة ألمانيا على إرسال دبابات "ليوبارد"، وصولا لبريطانيا التي كانت السباقة في إعلان إرسال دباباتها الحديثة من طراز "تشالنجر". وقد نددت الخارجية الروسية بقرار برلين والولايات المتحدة تسليم دبابات إلى كييف، معتبرة "أنه قرار خطير للغاية من شأنه أن يرفع النزاع إلى مستوى جديد من المواجهة"، متهمة الغربيين باتباع منطق "التصعيد الدائم".
- بعد قرار الغرب تزويد أوكرانيا بدبابات قتالية ثقيلة، بدأت كييف تطالب بأسلحة هجومية مثل طائرات مقاتلة وغواصات.
الخسائر
دخلت روسيا الحرب بنحو 3 آلاف دبابة حديثة الطراز، وخسرت المئات منها في بداية الحرب بفضل الأسلحة المضادة للدبابات التي قدمتها الدول الغربية لأوكرانيا، فتكبدت القوات الروسية خسائر مادية فادحة تبلغ 70% من مخزونها من الصواريخ الصالحة للأهداف البرية، و60% من دباباتها القتالية، و20% من مدفعيتها.
في المقابل خسرت أوكرانيا أكثر من 400 دبابة وأكثر من 1500 مركبة قتالية، بحسب تقرير نشره مطلع العام 2023 موقع "أوريكس" المتخصص في شؤون الدفاع.
أما الخسائر البشرية، فقد كشفت آخر حصيلة لهيئة الأركان الأميركية المشتركة أن عدد ضحايا حرب روسيا وأوكرانيا منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط 2022 وإلى ديسمبر/كانون الأول 2022 تجاوز 240 ألف، وزعت على النحو التالي:
- 100 ألف جندي روسي بين قتيل وجريح.
- 100 ألف قتيل من القوات العسكرية الأوكرانية.
- 40 ألف قتيل بين المدنيين الأوكرانيين.
- بالإضافة إلى نزوح ملايين الأوكرانيين إلى الدول المجاورة.
الأرقام الرسمية الروسية والأوكرانية تتباين مع ما أعلنه الجيش الأميركي، إذ أعلنت القوات الروسية من جانبها عن مقتل 5937 من جنودها منذ بدء حربها على أوكرانيا، في حين قال الأوكرانيون إن خسائرهم وصلت إلى 9 آلاف جندي سقطوا قتلى في الحرب، ولم يتم الإفصاح عن عدد المصابين.
المصدر : الجزيرة نت+ مواقع إلكترونية