أهدى لعروسين خمسة كيلوغرامات من الذهب
قديروف مبذر ووارث "الشيشنة"
قديروف حريص على التوازنات العائلية والقبلية في القوقاز
ترسم الدبلوماسية الأميركية للرئيس الشيشاني الحالي رمضان قديروف صورة أمير الحرب البسيط الذي ورث السلطة عن والده بصفقة مع فلاديمير بوتين اختزلت بعبارة "الشيشنة", والذي لا يتورع عن تبذير استعراضي للمال في إطار التزامه بالتوازنات القبلية والعشائرية الإقليمية.
وتستند الصورة المرسومة لقديروف -الموصوف بأنه رجل الكرملين القوي بالشيشان- إلى برقيتين سريتين أرسلهما السفير الأميركي في موسكو نيكولاس بيرنز في 30 مايو/أيار عام 2006 و31 أغسطس/آب من العام ذاته.
الرسالة الأولى المنشورة في صحيفة غارديان نقلا عن ويكيليكس ترسم صورة شاملة وتفصيلية لما وصفه بيرنز بـ"الصراع المعلق" في الشيشان وعن الجمهورية المسلمة التي يترأسها أمير حرب.
في هذه الرسالة يعرض بيرنز معلومات غير معروفة عن حربي الشيشان ودور مبيعات النفط في اندلاعها وخصوصا في عهد جوهر دوداييف أول رئيس شيشاني.
اغتيالات وتهريب
وتتحدث البرقية أيضا عن تورط القادة العسكريين الروس في عمليات التهريب وعمليات اغتيال رافقت الحرب واستهدفت إحداها قائد القوات الروسية بالشيشان وآخرها اغتيال الرئيس أحمد قديروف والد الرئيس الحالي عام 2004.
الشيشنة سجلت نجاحا عند إطاحتها بشامل باساييف (الصورة) وخطاب
يقول السفير إن الرئيس فلاديمير بوتين استخدم عند توليه السلطة (نهاية عام 1999) إستراتيجية مزودوجة لتخليص موسكو من الحرب تقوم أولاها على ضبط القادة العسكريين الروس الموجودين هناك والثانية على "شيشنة" الصراع بتحويله من قتال شيشاني روسي إلى حرب داخلية شيشانية.
ويوضح السفير -في الفقرة السابعة عشرة من برقية تضم 7500 كلمة- الفرق بين "الشيشنة" و"الفتنمة" أو "العرقنة" لناحية أنها تقوم على تسليم الشيشان إلى مسلحين شيشانيين مقابل الاستفادة من ولائهم وقدراتهم شرط بقاء هذه الجمهورية في إطار الفدرالية الروسية.
ويشير السفير إلى أن الرجل الذي أوكلت له هذه المهمة هو أحمد حجي قديروف مفتى المتمردين الشيشانيين والقيادي العسكري السابق.
وتوضح البرقية أن التوافق على هذه السياسة تم بين بوتين وقديروف على انفراد لكن تطبيقها كان يستند إلى انقسام داخلي بين المتمردين يعود إلى حرب الشيشان الأولى التي اندلعت عام 1995.
ويقول إن الانقسام ذاك اتخذ شكل الخلاف الديني الذي كان يموه صراعا بين المتمردين على السلطة, وهو الذي أتاح أيضا نتائج مباشرة تتلخص في مجيء المجاهدين العرب الذين يعتنقون فكر الإسلام الجهادي.
باساييف وخطاب
وتقول البرقية "إذا كان هدف الشيشنة هو الانتصار على أتباع (شامل) باساييف والعرب الموالين لخطاب (الذي مات مسموما في أبريل 2002) فهذا يعني أنها نجحت".
بوتين يشارك قديروف في احتفال ببناء مسجد في غروزني
وعن ملابسات اغتيال قديروف تقول البرقية "قديروف لم يكن يشعر بالاستقلال الذاتي ما لم يضع يده هو وليس الروس على نفط الشيشان. لذا دعا لتأسيس شركة لنفط الشيشان تعمل تحت إمرته. وقد خفف ذلك من قابلية القوى الفدرالية لتحويل عمليات تهريب النفط. وفي 9 مايو/أيار اغتيل قديروف بقنبلة زرعت تحت مقعده خلال احتفال بيوم النصر.
الاغتيال ألصق رسميا بالمتمردين, لكن كثيرين يعتقدون أن ذلك كان أسلوب الجيش الروسي في رفض مطالبات قديروف. وتحت هذه الظروف لا يمكننا أن نسقط احتمال أن تكون الفرضيتان صحيحتين".
وينتقل السفير بيرنز إلى وصف الرئيس الحالي قائلا إنه "عند توليه السلطة لم يكن يتمتع بالهيبة الدينية أو الشخصية التي كانت لأبيه, وأنه أمير حرب نقي وبسيط مثل كثيرين من أمراء الحرب من عائلة يامادييف". ويضيف أنه "رغم ذلك كان محظوظا بأن والده ترك له قوة عسكرية كافية مكونة من المتمردين السابقين".
الجاذبية الدينية
وتمضي البرقية قائلة إن شعور قديروف بالحاجة إلى الجاذبية الدينية والأيديولوجية دفعاه إلى توجيه رسائل بالمناسبات بصيغة نداء إلى المسلمين وإقامة مركز لتقديم الدعم لزوار مرقد والدة كونتا حجي القريب من فيدينو.
ويمضي السفير بيرنز إلى القول في برقيته "قديروف يتصف بالفساد منذ كان متمردا لكن المال الذي يحتفظ به لنفسه من أموال موسكو يتقبله باعتباره مدفوعات للحفاظ على الوضع. والحقيقة أن قديروف وباقي أمراء الحرب قادرون على الاحتفاظ بقدر من الأمن بالشيشان".
غير أن هذه الصورة السياسية لرئيس جمهورية الشيشان -المتهم بالتورط عام 2006 بقتل الصحفية أنا بوليتوفيكايا في موسكو– لا تكتمل إلا بصورة أخرى رسمها السفير بيرنز في رسالة ثانية يصف فيها حفلا أقامه عضو برلمان داغستان ومدير شركة النفط فيها غاجي ماكاتشيف بمناسبة زواج نجله.
"
يقول السفير بيرنز "قديروف يتصف بالفساد منذ كان متمردا لكن المال الذي يحتفظ به لنفسه من أموال موسكو يتقبله باعتباره مدفوعات للحفاظ على الوضع. والحقيقة أن قديروف وباقي أمراء الحرب قادرون على الاحتفاظ بقدر من الأمن بالشيشان"
"
ففي هذا الحفل الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام في مايو/أيار عام 2006 وقدمت فيه أنواع المشروبات الكحولية الفاخرة كان الرئيس رمضان قديروف بين أبرز الحضور في اليوم الثاني.
تكريم الراقصين
ويصف السفير في البرقية كيف كان قديروف يرمي أوراقا نقدية من فئة مائة دولار أميركي على فرق رقص محلية مؤكدا نقلا عن المضيفين أن هدية قديروف للعروسين كانت عبارة عن قطعة ذهب تزن خمسة كيلوغرامات.
ويربط بيرنز بين حرص قديروف على حضور الحفل في هذه الجمهورية المجاورة للشيشان والعلاقة التي كانت تربط والد رمضان بوالد مدير شركة النفط النافذ ليخلص إلى التالي: الحفل في 21 أغسطس/آب 2006 كان مثلا صارخا على السياسات والعلاقات الإثنية والقبلية الراسخة في القوقاز و"مؤشرا على الشخصنة التي تتصف بها السياسات" خلال الأعراس التي تتحول "إلى استعراض للوجاهة والولاء والعلاقات التحالفية بين العائلات".
المصدر:الجزيرة نت + موقع ويكيليكس+غارديان