عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 10:42 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي دور القائد في تعليم مرؤوسيه



 

دور القائد في تعليم مرؤوسيه
المقدم الركن / عبدالله بن متعب بن ربيق
مجلة كلية الملك خالد العسكرية

لاشك أن القائد الفاضل هو ذلك القائد المعلّم لمرؤوسيه، المربِّي لهم على كل أفعال الخير وأعمال البر، الذي يحاول أن يصحح من أخطائهم ويعدّل مسارهم، سواء أكانت أخطاؤهم فيما يخص العمل، أو كانت في سلوكهم وأخلاقهم كما أن من واجب القائد المسلم توجيه وتربية مرؤوسيه التربية العسكرية الإسلامية الصحيحة، والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان، والحفاظ عليهم من كل المخاطر المحدقة بهم، والابتعاد عن كل ما يؤثّر على دينهم وعملهم.

إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو قدوتنا الحسنة؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم قائد معلم ومربي، فقد علّم وربّى أتباعه على الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة، كما أنه ضرب أروع الأمثلة في تعامل القائد مع مرؤوسيه، فقد كان ليّناً رحيماً ودوداً معهم، ففي كل غزوة يسمع لآرائهم ويأخذ بمشورتهم
فمثلاً في غزوة بدر، وهي أول غزواته صلى الله عليه وسلم استمع إلى نصيحة الصحابي الجليل الحبّاب بن المنذر (رضي الله عنه) عندما أشار عليه، والقصة كما وردت في كتاب السيرة النبوية لــ ابن هشام أن (الحباب بن المنذر بن الجموح) (رضي الله عنه) قال: «يارسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدّمه، ولا نتأخّر عنه، أم هو الرأي والحرب المكيدة؟»، قال (صلى الله عليه وسلم): «بل هو الرأي والحرب والمكيدة»، فقال: «يارسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزل، ونغوِّر، ندفن ونطمس ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون»، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): «أشرت بالرأي»، فنهض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ومن معه من الناس، فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقُلُب فغوّرت، وبنى حوضاً على القليب الذي نزل عليه، فملئ ماء، ثم قذفوا فيه الآنية.

أخي القائد الكريم، يا من تقتدي برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، تمعّن في هذه القصة جيداً، وانظر كيف أن القائد العظيم (صلى الله عليه وسلم) لم تأخذه العزة بالإثم، واعترف بأن الرأي الذي قدّمه الصحابي أفضل من رأيه، وأشاد بالرأي واتبعه، ولم يصرّ على رأيه ويكابر ويجعل الجميع يتّبع رأيه دون أخذ مشورتهم، وكانوا والله سوف يتّبعونه ولا يتأخرون نستنتج من هذه القصة الاستنتاجات التالية:
أ. استشارة القائد لمرؤوسيه والأخذ برأيهم واتباعه للرأي الأفضل،

ب. أدب المرؤوس مع قائده، وكيف سأله بكل أدب واحترام، وذلك بسؤاله: هل هو أمر من الله، أم الحرب والمكيدة؟ فيجب التأدّب مع القائد وإبداء الرأي والاقتراح بشكل مهذّب مع إيضاح المبررات.

ج . الاستعانة والاستفادة من كل الأركانات والقادة المرؤوسين والاعتماد عليهم ــ بعد الله تعالى ــ كلٌ فيما يخصه.

د. أدب الحوار، وعدم الإصرار على الرأي من كلا الطرفين، وأن لا يفسد الاختلاف للود قضية بين القائد والمرؤوس يقول اللواء (وليام كوهين) في كتابه: فن القيادة إنه ينبغي أن يكون القائد مدرِّباً ومعلِّماً، ليس هناك شك في أنك كقائد، لديك مسؤوليات تعليمية« كما يقول اللواء (بيري سميث) ــ وهو قائد سابق في كلية الحرب القومية ــ :«يرتبط التعليم والقيادة ببعضهما البعض ارتباطاً شديداً، فالقائد يجب أن يكون مستعداً لتعليم المهارات والمشاركة في الآراء والتجارب، وأن يعمل باهتمام شديد مع موظفيه لمساعدتهم على النضج والإبداع، ومن خلال التعليم يمكن للقادة أن يشجّعوا ويدفعوا ويؤثّروا على مرؤوسيهم على اختلاف درجاتهم». والكلام السابق لقادة غربيين حرصوا على تعليم وتشجيع مرؤوسيهم من أجل نجاح العمل، وهو كلام عظيم ومفيد.

إن الضباط حديثي التخرُّج وذوي الرتب الصغيرة يحتاجون إلى كل الرعاية والاهتمام والمتابعة من قِبل القادة، كذلك يحتاجون إلى التعليم والتوجيه المستمر، حتى يصبحوا في المستقبل قادة يُشار إليهم بالبنان، كما أنهم يحتاجون من القادة سعة الصدر وتقبّل أخطائهم وتصحيحها، وتعديل بعض تصرفاتهم وسلوكياتهم المعوجَّة، والأخذ بأيدهم إلى جادة الصواب، لأن بعض القادة يستخدم معهم طريقتين: إما التهميش وعدم الاعتماد عليهم وعدم منحهم أي فرصة للإبداع والعمل، وحجتهم بذلك قلّة خبرتهم ومعرفتهم، وإما الاعتماد عليهم بشكل كبير، وفي كل الأمور، دون إشراف أو متابعة أو توجيه من القادة. وهاتان الطريقتان تعرِّضان الضباط حديثي التخرّج للمشاكل، والصواب هو إعطاؤهم الفرصة للعمل والإبداع، ولكن بإشراف وتوجيه ومتابعة مستمرة من قِبل قادتهم المباشرين.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس