عرض مشاركة واحدة

قديم 12-08-10, 11:46 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال عبدالناصر
مشرف قسم الإتفاقيات العسكرية

الصورة الرمزية جمال عبدالناصر

إحصائية العضو





جمال عبدالناصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

وكما ذكرت في البداية فإن هذه فكرة مختصرة جدا من أفكار كثيرة مهمة طرحت في هذا الكتاب, من الضروري العودة إليها لتجديد مسار أفكارنا, ولإيجاد حال من التوازن في ظل الصراع الدولي الذي يضعنا في المواجهة.

على العموم فإن طرح مسألة القوة في الوقت الراهن على صعيد العالم الإسلامي يبدو قضية عويصة للفهم, فمن جهة أولى, الإيمان ـ منطلقا وحقيقة ـ يشكل حالا من التحرر ويؤدي إلى التغيير وأيضا إلى الاستمرارية والتجدد,, الأمر الذي ينتهي إلى توظيف القوة في جانبها المعنوي, ومن جهة أخرى يعطي للبعض شرعية ـ غير مبررة أحيانا ـ لاستعمال القوة في جانبها المادي من أجل سيادة الشريعة عمَّا سواها من سبل أخرى يتخذها كثير من المسلمين المعاصرين, الأمر الذي ينتهي بنا إلى النظر إلى القوة من حيث هي عملية مصاحبة للفهم حتى لو تناقض هذا الفهم مع صالح المسلمين أو مع مقاصد الشريعة, وما يتبع هذا كله من صراع داخل المجتمعات المسلمة تحسبها أهلها جميعا ولكنهم شتى, بأسهم بينهم شديد.


إن التناقض القائم بين متطلبات الإيمان وبين تحقيقه على أرض الواقع بالقوة, أحدث شعورا عاما بالخوف من أن نتخطف بعضنا بعضا, نظرا لغياب الأمن والأمان, فلا الذين لجأوا إلى العنف والإرهاب من أجل إقامة شريعة الله في الأرض أحسنوا, ولا الذين طاردوهم, وحين تمكنوا منهم, اتسعت قلوبهم لإخوانهم, وهو ما يكشف عن التغيُّر في القاعدة الإيمانية التي حددت مسار الرسول(صلى الله عليه وسلم) والذين آمنوا معه (حيث الشدة على الكفَّار, تقابلها الرحمة بينهم).

صلاح الأمة إذن مرهون بفهمنا لشروط الإيمان, ووعينا بمنطق القوة التي تكون أحيانا في الرفق, كما وضَّح ذلك فضل الله بقوله: ".. القوة ليست دائما في العنف, بل قد تكون في الرِّفق واللِّين.. ما دامت القضية التي تحكم الموقف, أن تهزم الموقف الآخر, أو القوة الأخرى.. فإذا استطاع الرِّفق أن يقود الآخرين إلى تقديم التنازلات, فإنك بذلك تكون قد حققت القوة لموقفك من خلال تأكيد وجوده على الأرض من دون أية مشاكل أو سلبيات.. إن الرفق الذي يحل في داخله مضمون العنف على مستوى النتائج, فيما يحمله من الضغوط النفسية والعملية التي تحاصر المشكلة لتسقط كل ظروفها وأوضاعها, امام قوة الضغوط الهادئة.. إن القوة قد تعني العنف على مستوى النتائج في المضمون.. ولكنها لا تعني العنف على مستوى الشكل والمقدمات.. بل قد تكون في هذه الحالة مظهر ضعف".

استنادا إلى رأي فضل الله فإن الانتصار يمكن أن يتحقق من خلال الرفق واللين, وهو ما دعا إليه الإسلام, حتى لو كان التعامل مع أفراد أو جماعات أو شعوب خارج دائرة الإيمان, فما بالك حين يتعلق ذلك بالجماعة المؤمنة؟!.. من هنا نحن مطالبون اليوم بفهم جديد لمنطق القوة.. ربما نفلح في الوصول إلى مشاركة حضارية ذات طابع رسالي, فوائدها تعود علينا وعلى البشرية, وما ذلك بمستحيل!

خالد عمر بن ققه*
* كاتب وصحفي جزائري

 

 


جمال عبدالناصر

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما



   

رد مع اقتباس