الموضوع: تاريخ سوريا
عرض مشاركة واحدة

قديم 15-04-09, 12:15 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

وقد أجبر على مغادرة المحافظة فوراً تحت حراسة عسكرية. وقد أصدر الأسد تعليماته للمخابرات العسكرية بمختلف المحافظات بمنع أعضاء قيادة الحزب من الاتصال بالجهاز المدني لفروع الحزب، وذلك عن طريق تحذيرهم وتهديدهم بالاعتقال، وقد اتخذت أعنف الإجراءات في محافظتي اللاذقية وطرطوس وفي الواقع كانت هذه الإجراءات التي اتخذها الأسد في أواخر فبراير (شباط) 1969 أشبه ما تكون بانقلاب عسكري، ونتيجة لذلك فقدت القيادة القطرية السورية معظم قوتها، بغض النظر عن استمرارها رسمياً وتواجدها بمنصبها، وقد احتلت قوات الأسد مبنى إذاعة دمشق ومبنى إذاعة حلب، بالإضافة إلى مكاتب أكبر جريدتين سوريتين (تحت سيطرة البعث) وهما البعث والثورة، وتم فرض الرقابة العسكرية على نشرات الأخبار والتعليقات السياسية وجميع البرامج السياسية والثقافية والإعلامية.
وبناء على طلب القيادة القطرية السورية تم انعقاد مؤتمر قطري استثنائي في مارس (آذار) 1969 بدمشق، حيث بُذلت الجهود للتوصل إلى حل وسط بين الكتل التي تجمعت حول الأسد وتلك التي تجمعت حول جديد، بيد أنه لم يتم التوصل إلى مصالحة فعلية، ولتقوية مركزه خلال المؤتمر قامت قوات الأسد باحتلال مراكز استراتيجية هامة في دمشق وضواحيها، وانتهى المؤتمر بمأزق واستمرت ازدواجية السلطة المذكورة آنفاً: احتفظ الأسد بسيطرته عل القوات المسلحة السورية بينما نجح جديد إلى حد كبير في إحكام قبضته على جهاز الحزب المدني السوري. وقبيل انعقاد المؤتمر القطري الاستثنائي بوقت قصير قام أنصار الأسد العسكريون بمحاصرة مقر قيادة العقيد عبد الكريم الجندي (مؤيد مخلص لجديد) الذي كان يشغل منصب رئيس الأمن الوطني ورئيس إدارة المخابرات العامة، وقاموا باختطاف عدد من مساعديه وأنصاره ومصادرة السيارات الخاصة بمكتبه، أما بالنسبة لعبد الكريم الجندي فقد انتحر . وبموت الجندي انتهت الفترة التي تم فيها إما تحييد أو تصفية أبرز أنصار جديد العسكريين غير العاديين، بمن فيهم أحمد سويداني وأحمد المير وفي عام 1969 وعام 1970 حاول جديد وأنصاره استعادة بعض نفوذهم المفقود بوضع منظمة الصاعقة التي تم تشكيلها في سوريا بعد حرب يونيو (حزيران) 1967 تحت الإشراف المباشر للقيادة القطرية السورية، بهدف تحويل المنظمة إلى أداة قوة بديلة يمكن استخدامها في وقت لاحق كثقل مقابل قوة الأسد العسكرية . وفي سبتمبر (أيلول) 1970 اتخذ قادة سوريا السياسيون قراراً في صالح التدخل العسكري في الحرب الأهلية في الأردن إلى جانب المنظمات الفدائية الفلسطينية التي كانت تحارب في ذلك الوقت معركة خاسرة ضد الجيش النظامي الأردني تحت قيادة الملك حسين، وقد فشل هذا التدخل وأشعل فتيل مواجهة جديدة بين الأسد وجديد وكل من أنصارهما وحلفائهما. وانعقد المؤتمر القومي الاستثنائي العاشر لحزب البعث بدمشق في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) 1970 لمحاولة إيجاد حل لأزمة الحزب المتجددة بيد أنه قبيل ذلك بوقت قصير قام الأسد بنقل بعض أنصار جديد العسكريين استعداداً لأي حدث محتمل، وليكون قادراً على فرض إرادته على خصومه السياسيين إذا ما صار المؤتمر في غير صالحه وأثناء المؤتمر بات واضحاً أن الأسد وأهم مؤيد عسكري له مصطفى طلاس، كادا أن يكونا معزولين تماماً، بينما تمتع جديد وحلفاؤه بتأييد غالبية أعضاء المؤتمر، أما في القوات المسلحة فقد كانت العلاقات بين المعسكرين السياسيين الرئيسيين على عكس ذلك تماماً، وعندما أصدر معظم أعضاء المؤتمر في النهاية قراراً غير واقعي بإعفاء كل من وزير الدفاع الأسد، ورئيس الأركان طلاس من منصبيهما العسكريين وتكليفهما بمهام في الحزب، حسب ما تقرره قيادة الحزب فقد استطاع الاثنان اتخاذ إجراءات مضادة فعالة على وجه السرعة.
وفي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 أمر الأسد العسكريين باحتلال مكاتب القسم المدني للحزب، وكذلك المنظمات الشعبية البعثية، بالإضافة إلى إلقاء القبض على أبرز قادة الحزب المدنيين، بمن فيهم صلاح جديد والرئيس نور الدين الأتاسي، وقد فر الكثير من أعضاء المؤتمر إلى لبنان بغية تفادي الاعتقال، واستمروا في معارضة النظام السوري الجديد من هناك . ولم يحصل القسم المدني لحزب البعث تحت نظام حكم الأسد مرة أخرى على المركز القوي الذي حظي به لبعض الوقت خلال المدة السابقة، وبعد 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 اعتمد حافظ الأسد بصورة كبيرة على جماعة الضباط التابعة له في الاحتفاظ بالسلطة، وشملت هذه الجماعة عدداً من كبار الضباط الذين كان لهم ولأنصارهم مراكز استراتيجية هامة في القوات المسلحة السورية، هذا وقد تقلد الضباط التابعون لطوائف دينية غير علوية مهاماً عسكرية عليا من حيث الشكل، إلا أنهم لم يكونوا في وضع يشكل أي تهديد للرئيس العلوي الذي كان اتباعه الشخصيون قادرين على قمع أية بادرة عصيان. فعلى سبيل المثال، نجد أن اللواء ناجي جميل، وهو سني من دير الزور وقد رأس السلاح الجوي السوري من نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 حتى مارس (آذار) 1978، لم يكن في استطاعته استخدام السلاح الجوي بفاعلية في أي عصيان عسكري ضد الرئيس، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أنصار حافظ الأسد العلويين حينذاك كانوا مسئولين عن القواعد الجوية الرئيسية. وكان ينطبق أيضاً على كبار الضباط السنيين الآخرين أمثال اللواء مصطفى طلاس، الذي عين وزيراً للدفاع في مارس(آذار) 1972، وخلفه فيما بعد اللواء يوسف شكور كرئيس للأركان، وهو مسيحي من الروم الأرثوذكس من محافظة حمص.
إن ضابطاً مثل طلاس وجميل وشكور استطاعوا فرض سيطرتهم، طالما كانوا خاضعين لسياسات الرئيس، أما في حالة حيدهم عن خط سيره فكان من السهل إزاحتهم جانباً من قبل أنصاره العسكريين ، وخاصة بالنظر إلى حقيقة أنه لم يكن لهم أتباع شخصيون أقوياء داخل القوات المسلحة.وفي الحقيقة، فإن تعيين ضباط سنيين في مثل هذه المراكز العسكرية العليا، أمثال طلاس جميل، كان من الممكن أن يكون بغرض تهدئة السنيين وتبديد الانطباع بأن أهم المراكز مقصورة على العلويين دون غيرهم . إن مخاطرات التحدي لمركز الأسد في الأصل نبعت أساساً من داخل الطائفة العلوية ذاتها. ويمكننا أن نستنتج من الاعتقالات والتسريحات التي حدثت أن الضباط العلويين والمدنيين البعثيين من اللاذقية كانوا متورطين بصورة رئيسية في المؤامرات التي تم الكشف عنها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1970. فعلى سبيل المثال، في يونيو (حزيران) 1971، اعتقل عدد من أنصار جديد واتهموا بالتورط في نشاطات تخريبية ضد النظام وقد شمل ذلك العديد من أبرز أعضاء الحزب بقيادة فرع اللاذقية. وقد اغتيل اللواء العلوي محمد عمران في 4 مارس (آذار) 1972 في طرابلس بلبنان، حيث كان يعيش في المنفى منذ عام 1967. وقد دلت الآثار التي خلفها القتلة على احتمال تورط جهاز المخابرات السورية. وقد يكون عمران استمر في الاتصال ببعض أنصاره العسكريين في سوريا، على أمل العودة للحياة السياسية في المستقبل
وفي ديسمبر (كانون الأول) 1972 تم اعتقال المزيد من أنصار وحلفاء جديد العسكريين والمدنيين بتهمة التآمر ضد النظام. ونظراً لأن معظم التحديات لنظامه نبعت من داخل الطائفة العلوية فإنه ليس من المدهش بمكان أن يضع الأسد ثقته المتزايدة في أشخاص مقربين إليه كأفراد عائلته أو قبيلته أو قريته وما يجاورها، وذلك لكي يؤمن مركزه حتى ضد من هم من نفس طائفته الدينية. لقد كان أخوته الخمسة جميعهم أعضاء عاملين بالحزب، وشغلوا مراكز بارزة في الجيش وفي مؤسسات الحزب أو في المؤسسات الحكومية، خاصة رفعت الأسد الذي تولى قيادة سرايا الدفاع بعد انقلاب نوفمبر (تشرين الثاني) 1970، وهي نخبة من وحدات الجيش ذات أهمية سياسية واستراتيجية متمركزة حول دمشق، استطاع بها أن يحمي نظام أخيه الأكبر. وقد ذكر أن القوات العسكرية التي كانت تحت قيادته لعبت دوراً هاماً في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973ضد إسرائيل، وقد منح هو وعدد من الضباط الآخرين في مارس (آذار) 1974 أوسمة عسكرية لما أظهروه من تفوق غير عادي خلال الحرب . وبعد انقلاب نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 على وجه الخصوص سرت شائعات داخل البلاد وخارجها أوحت بوجود منافسة بين الأخوين. وصلت أحياناً إلى حد القول بأن رفعت أسد كان مصدر تهديد لمركز أخيه. لذلك عندما حاولت قيادة الجيش نقله ونقل وحداته بعيداً عن دمشق كما ذكر فقد أشيع أن رفعت ثار مراراً على ذلك. إلا أنه في إبريل (نيسان) 1975 في المؤتمر القطري السوري السادس لحزب البعث بدمشق تم انتخاب رفعت الأسد عضواً في القيادة القطرية السورية إلى جانب أخيه حافظ . وفي نفس المؤتمر جرى تعيين أخ آخر وهو جميل الأسد عضواً في المؤتمر القومي الثاني عشر لمنطقة الحزب الحاكم ، بعد أن كان قد تم انتخابه بالفعل عضواً بمجلس الشعب السوري في مايو (أيار) 1973. أما الأخوة الثلاثة الآخرون للرئيس فهم إسماعيل ومحمد وأحمد . وقد تقلد الأخير لفترة ما منصباً بالمجلس بمحافظة اللاذقية. وفي بيروت، واصل أنصار جديد مهاجمة نظام الأسد من خلال صفحات جريدة الراية التابعة لهم، مع التركيز على مظاهر النظام الطائفية والعشائرية.

 

 


   

رد مع اقتباس