عرض مشاركة واحدة

قديم 31-03-09, 07:16 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي مضيق هرمز وبدائل المضيق



 

مضيق هرمز وبدائل المضيق
اللواء الدكتور- محمد جمال مظلوم

تزايدت التهديدات التي أطلقتها إيران، وزادت حدّتها مؤخراً بشأن إغلاق المضيق في حال تعرّضها لأية ضربات عسكرية من الدول التي تتربص بها. وتتميز هذه التصريحات الأخيرة بأنها صادرة عن كبار القادة العسكريين، وأنها تزامنت مع تصاعد حدّة المساجلات بينها وبين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بشأن ملفها النووي.

وصف المضيق وأهميته

مضيق (هرمز) هو ممر مائي يصل بين مسطحين أو رقعتين من البحار العالية؛ حيث الخليج العربي من جهة، وخليج عمان، والبحر العربي، والمحيط الهندي من جهة أخرى.

إن مياه الخليج العربي تُعدّ بحراً شبه مغلق؛ إذ إن المنفذ الوحيد له هو مضيق (هرمز)، ومن ثم فإن دول الخليج العربية تعتبر أكثر ارتباطاً بالمضيق مقارنة بغيرها، مثل: إيران، وربما عُمان، والمملكة العربية السعودية التي لها منافذ بحرية خارج مياه الخليج، بينما العراق والكويت إضافة إلى قطر، والبحرين، والإمارات لا سواحل مائية لها إلاّ على الخليج؛ ومن ثم فإن صلتها البحرية بالعالم الخارجي لا يمكن أن تقوم إلاّ عبر مياه المضيق.

يُضاف إلى ذلك، أن مياه المضيق غير صالحة للملاحة، وإنما تم تخصيص ممرين، ذهاباً وعودة، فقط في أكثر أجزائه صلاحية للملاحة من حيث الخصائص الهيدروغرافية التي تعيّنها (المنظمة الدولية للملاحة البحرية)، ومتفق عليها من جانب السفن المارة أو الراغبة في اجتيازه. الأهم في هذا الشأن أن مخرج الخليج يحاذي الساحل الإيراني في حين أن مدخله يحاذي الساحل العُماني، بمعنى أن الممرين المخصصين للملاحة في المضيق أحدهما للسفن المتجهة إلى خارج الخليج العربي ناحية بحر عُمان، وهو المواجه لليابسة الإيرانية، بينما الآخر للسفن المتجهة إلى داخل الخليج العربي، وهو أقرب لجزيرة (مسندم) العُمانية.

وبطبيعة الحال، فإن ممر المضيق المخصص للخروج هو الأهم مقارنة بنظيره المخصص للدخول. ومع استمرار تصاعد حدة التهديد مع الرغبة في الإغلاق؛ فإن طهران ستكون في هذه الحالة الأقدر على قطع شريان الحياة عن الدول الحبيسة داخل مياه الخليج.

وإذا ما أُضيف إلى ما سبق أن كلاً من إيران وعُمان، وهما الدولتان المشاطئتان للمضيق، تأخذان بمعيار ال (12) ميلاً لتحديد نطاق مياههما الإقليمية، فإن النتيجة التي يمكن التوصُّل إليها هي أن مياه المضيق تخضع جميعها للسيادة الإقليمية للدولتين في الجزء الذي يخصص لكل منهما، ويعني ذلك أن نظام الملاحة به يعتمد فكرة (المرور البريء)، أي ذلك الذي لا يمس نظام واستقرار الدول المضائقية.

وفهم هذا الأمر سيساعد كثيراً في الإحاطة بالمبررات التي قد ترفعها إيران إذا ما نفَّذت فعلياً تهديدها بإغلاق المضيق؛ إذ سيكون متاحاً لها عندئذٍ الإدعاء بأن السفن المارة تشارك أو تسهم في الحملة العسكرية التي ستشن عليها، حتى لو كانت سفناً تجارية، وسيكون بمقدورها في هذه الحالة القيام بأي عمل يكفل لها حماية نظامها واستقرارها، علماً بأن إيران وسلطنة عُمان تتمسكان بسريان نظام (المرور البريء) الذي يضمن لهما السيطرة على المضيق، وحماية أمنهما من الأخطار التي قد تنتج عنه، هذا في حين أن بقية الدول الخليجية الأخرى تتمسك بحق المرور العابر طبقا للمادة (38) من اتفاقية 1982م لقانون البحار والذي يقترب معناه من نظام المرور الحر، ويعني ذلك إتاحة الحق في المرور دون إعاقة.

وعموماً، فإن طول المضيق يبلغ حوالي (104) أميال بحرية، وتحدّه عُمان من الجنوب وإيران من الشمال والشمال الشرقي، ويتفاوت عرضه أو اتساعه بين منطقة وأخرى؛ حيث يبلغ أقصى اتساع له عند المدخل الجنوبي من جهة عُمان حوالي (5،52) ميل بحري، وما يلبث أن يضيق حتى يصل إلى أدنى عرض له عند النهاية الشمالية الشرقية من جزيرة (لاراك) الإيرانية بمقدار (75،20) ميل بحري. وهناك مسافة تمتد حوالي (16) ميلاً في الاتجاه الشمالي الغربي لجزر (قوين) الثلاث العُمانية (تُعرف بجزر سلامة وبناتها، وهي جزر واقعة داخل المضيق، وعلى بعد 9 أميال فقط من شبه جزيرة مسندم)، حيث يستمر عرض المضيق في إطارها بحوالي 26 ميلاً.

ورغم أن عرض المضيق جغرافياً يتراوح بين (20) و (52) ميلاً، كما تبين، إلاّ أن ممرات الملاحة الصالحة به لا تزيد على (5،1) ميل للمتجه شرقاً نحو خليج عُمان، والذي يحاذي الجانب العُماني، و (5،4) ميل للمتجه غرباً نحو الخليج العربي، ويبدو أن السبب في ذلك يرجع إلى كثرة الجزر الواقعة في النطاق الجغرافي للمضيق ذاته، والتي تقتسمها كلٌ من: عُمان وإيران؛ حيث توجد على الجانب الأول: جزر سلامة، وقوين الكبرى، وقوين الصغرى، ومسندم، وعلى الجانب الآخر: توجد جزر قشم، ولاراك، وهنجام. المهم في هذا الشأن أن بعض هذه الجزر تُعد منصات استراتيجية مهمة في أي مواجهة محتملة حول المضيق أو بسببه، خصوصاً مع قربها للممرات الملاحية الأقصر كتلك الخاصة بقوين الصغرى والكبرى.

وإذا ما أُضيف إلى مجموعة هذه الجزر جزر أخرى أبعد منها قليلاً، وتقع داخل مياه الخليج العربي كجزر طنب الكبرى والصغرى، وأبو موسى (المُتنازع عليها بين الإمارات وإيران)، فضلاً عن جزر صري، وقرور، وبني فارد، والتي ربما تمثّل هي الأخرى في مجموعها مواقع استراتيجية ونقاط دعم لوجستي مهمة (تموين ومؤن)، حيث يمكن للطرف المسيطر عليها التحكُّم أو على الأقل التأثير في حركة المرور بمياه المضيق.

وإذا كانت إيران تملك أطول ساحل يطل على مياه الخليج، حيث يبلغ (635) ميلاً بحرياً، في حين تملك الدول العربية المشاطئة لها هذه المساحة نفسها، وربما تزيد، بداية من العراق، حيث أقصر ساحل على الخليج بمقدار (10) أميال، ومروراً بكل من الكويت (115) ميلاً، والسعودية، وقطر، والبحرين (68) ميلاً، وعُمان (51)، وانتهاءً بالإمارات (204) أميال؛ فإن ذلك كله يعطي دلالة مهمة عند تحليل الوضع الاستراتيجي للمضيق، وهي عدم أحقية أي طرف، سواء من الناحية القانونية أو غيرها، الادعاء لنفسه بحق إدارة مياه الخليج ككل، نظراً لتعدد مصالح الدول المطلة عليه، ولحقوقها المتساوية في استكشاف واستخراج الموارد التي يحظى بها أو تتوفّر في مياهه ومناطقه الاقتصادية المختلفة، وبالتأكيد فإن الداعي إلى طرح هذه النقطة يتعلق بما تفرضه القوانين الدولية من التزامات على الدول الساحلية على الخليج والمستخدمة للمضيق بحماية المرور الآمن به مادام يتم في إطار القواعد القانونية الدولية المقررة.

 

 


 

   

رد مع اقتباس