عرض مشاركة واحدة

قديم 05-08-09, 08:33 PM

  رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

أبعاد اقتصادية في الصياغات الأمنية

لا يعتمد تفسير نهاية الحرب الباردة بانتصار الغرب على الشرق على تأكيد التفوق العسكري بقدر ما يعتمد على تأكيد العنصر الاقتصادي، إذ كان هو العامل الحاسم لتمييز العالمين الرأسمالي والشيوعي. حتى سباق التسلّح الذي بلغ درجة قصوى ابتداء من سبعينيات القرن الميلادي العشرين، كان يسير في نظر معظم الدارسين الغربيين باتجاه مرحلتي الانفراج فالوفاق دوليا، إذ كان سبب إنهاك العالم الشرقي ماليا واقتصاديا. من هنا كان في مقدمة العلامات الفارقة عقب الحرب الباردة، أن العالم الغربي أصبح مصدر القسط الأعظم من ديون الدولة الروسية الوليدة على أنقاض الاتحاد السوفياتي.

مع نهاية الحرب الباردة حملت العلاقات الغربية مع الشرق عنصرين متوازيين:
أولهما، استيعاب التوسعة تنظيميا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وبالتالي ربط هذه الدول سياسيا وأمنيا بالغرب، دون أن يشمل ذلك الاتحاد الروسي بما يتجاوز علاقة "الشراكة" الأشبه بالتنسيق غير الملزم أمنيا وسياسيا، وقام عنصر التوسعة على خلفية الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان في إطار منظومة القيم الغربية.

أما العنصر الثاني فيدور حول تطوير الأوضاع الاقتصادية في الدول الشرقية باتجاه تبني النظام الرأسمالي الغربي، وهذا ما لم يقف عند الحدود الروسية، واستهدف تكوين شبكة من المصالح المالية والاقتصادية مع الدول الشرقية، على غرار ما تكوّن بين ساحلي الأطلسي بعد الحرب العالمية الثانية وأصبح الأساس للبنية السياسية الأمنية المشتركة، وفي مقدمتها حلف شمال الأطلسي، وقام هذا العنصر الاقتصادي على خلفية الليبرالية، أو الرأسمالية المنبثقة عنها في منظومة القيم الغربية.

ويظهر في العنصرين ازدياد مفعول منظومة القيم الغربية القائمة على دعامتي الديمقراطية والرأسمالية (الليبرالية).
بين زعامة أميركية وتعدد الأقطابنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لم يكن الخلاف داخل حلف شمال الأطلسي غائبا في هذه الصورة الإجمالية للمسيرة الأطلسية، بل غلب على مظاهرها منذ عام 1989 حتى عام 2009 دون انقطاع، وبلغ درجة مواجهة علنية في حالات معدودة.
ويمكن تعداد عناوين رئيسية لذلك في حدود ما يتطلبه استشراف ما ينتظر في المرحلة التالية، مع السؤال المطروح حول القمة الستينية تخصيصا: هل وضعت نهاية لهذا الخلاف، أم ستبقى محطة على الطريق دون تغيير كبير؟

1- هل يوجد ما يستدعي بقاء الحلف؟
سؤال سيطر على العلاقات الأوروبية الأميركية عامي 1989 و1990، ورافقته مساعٍ فرنسية (وروسية) لتحويل ثقل السياسات الأمنية من حلف شمال الأطلسي إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنبثقة عما حمل الاسم نفسه في صيغة "مؤتمر" من قبل، وكانت ساحة تحقيق الانفراج بين الشرق والغرب. ولم يضمحل هذا الخلاف إلا عبر حرب البلقان بعد سنوات، واستعراض تجدد الحاجة الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية عسكريا.


2- من هو العدو البديل؟


أُعلنت أطروحة "الإسلام عدو بديل" لأول مرة على لسان ديك تشيني في مؤتمر ميونيخ للشؤون الأمنية عام 1990 (كان وزيرا للدفاع في عهد بوش الأول)، فشهدت رفضا أوروبيا مباشرا اضمحل عبر حلول وسطية بدلت العنوان من الإسلام إلى الأصولية الإسلامية خلال السنوات التالية.

3- هل يتحقق التميز الأوروبي أمنيا؟
كانت المعارضة الأميركية شديدة في البداية لتكوين طاقة عسكرية أوروبية متميزة وفق مشروع بدأ بين فرنسا وألمانيا وشمل دولا أوروبية أخرى لاحقا، مقابل تأكيد واشنطن أن تكون الأولوية الأمنية المطلقة للحلف. وبلغ الخلاف درجة التهديد الأميركي علناً على هامش قمة روما الأطلسية عام 1991 بتحويل مركز ثقل العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية إلى جنوب شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادي.


4- هل يتوسع الحلف على حساب العلاقات مع روسيا؟
بقي هذا السؤال مطروحا باستمرار، أثناء المعارضة الأميركية المبدئية لخطوات التوسع الأطلسي والأوروبي شرقا، مراعاة لتطوير العلاقات الأميركية الروسية عقب الحرب الباردة، ثم كان تبني هذه التوسعة منذ حرب البلقان، مع عدم مراعاة المصالح الأمنية الروسية، وعادت العلاقات الأطلسية الروسية إلى مجراها (أو بدأت عودتها) عام 2009.


5- ما هي المهام الجديدة للحلف؟
استدعى الخلاف على صياغة مهام جديدة سلسلة مفاوضات بدأت عام 1991 وأوصلت عام 1999 إلى اتفاق وسطي على بنود أساسية، مع اختلاف علني في تفسيرها، ظهر في تناقضاتٍ حملتها تصريحات الرئيس الأميركي بيل كلينتون، والفرنسي جاك شيراك، والمستشار الألماني غيرهارد شرودر، والأمين العام للحلف الأطلسي مانفريد فورنر، وسرعان ما تكررت المطالبة بتعديلات جديدة تحت تأثير الحروب الأميركية، ولا تزال مطروحة وموضع مفاوضات إلى الآن.


6- أين تقع حدود ساحات القتال أطلسياً؟
انطلقت بعد البلقان مسيرة خوض القتال خارج نطاق المجال الجغرافي للحلف، وبدأت بتوافق شامل بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001، واستهدفت أفغانستان، ولكن سرعان ما اضمحل التوافق بغزو العراق عام 2003 واندلاع المواجهة السياسية العلنية الأكبر في تاريخ الحلف. ومنذ الغزو حتى عام 2009 لم تنقطع الخلافات بشأن تفاصيل التعامل مع الحربين، ولا تزال تهدئة هذه الخلافات عبر القمة الستينية على محك التجربة العملية للمرحلة المقبلة.


في إطار هذه الصورة الإجمالية توجد خلافات فرعية عديدة، مثل تعثر التنسيق مرارا بين تشكيل أكثر من قوة تدخل سريع، وإعادة تشكيل البنية الهيكلية للقيادات الأطلسية، والبحث عن حل وسطي للعلاقة العسكرية -قرارا وتنفيذا- بين القوى الأوروبية والحلف، وغير ذلك. لكن يمكن القول إن القاسم المشترك بين جميع الخلافات الرئيسية والفرعية، يقوم على أمرين:
  • الأول: سعي واشنطن لتثبيت زعامة انفرادية دولية أمنيا وسياسيا بما يشمل الجانب الاقتصادي.
  • الثاني: الإصرار الأوروبي على المشاركة "الندّية" أطلسيا، مع متابعة التنافس الاقتصادي عالميا.
الشواهد على السعي الأميركي للزعامة معروفة، وتابعها عدد كبير من المؤلفات الأميركية والأوروبية على مدى سنوات تحت عنوان "إمبراطورية أميركية جديدة". إنما الأهم من ذلك بمنظور المخاوف الأوروبية، ما أوردته وثيقة المحافظين الجدد تحت عنوان "الإستراتيجيات الأميركية للقرن الـ21"، وقد وُضعت بصيغتها المبدئية عام 1991، ونُشرت رسميا مع وصول جورج بوش الابن إلى منصب الرئاسة. وكان مما تضمنته نصًّا الحيلولة دون بروز دول منافسة اقتصاديا، لاسيما ألمانيا واليابان، والسيطرة على منابع الطاقة عالميا، ونشر القواعد العسكرية الأميركية حتى أواسط آسيا، بالإضافة إلى الهدف المشترك مع القوى الدولية الأخرى تحت عنوان حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل.
كما لم تنقطع الشواهد على المواقف الأوروبية بشأن المشاركة الندية أطلسيا عبر جميع القمم الأطلسية، خاصةً قمم إسطنبول وريغا وبوخارست أعوام 2004 و2006 و2008، وكذلك في مؤتمرات دولية أمنية -لاسيما المؤتمر السنوي في ميونيخ- وبقي ذلك مستمرا حتى القمة الأطلسية عام 2009.

السؤال المفتوح حاليا:
هل ستستمر المساعي الأميركية لتثبيت زعامة انفرادية ولكن بصيغة جديدة، أم ستقبل بتحقيق ما يردده الساسة الأوروبيون بصدد نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وهو ما يلتقي مع التطلعات الروسية والصينية، ويفترق عند رغبة الأوروبيين في بقاء الحلف في هذا الإطار ساحة مشتركة لصناعة القرار الأوروبي والأميركي على قدم المساواة، وفي أن يجاوره وجود قوة عسكرية أوروبية متميزة؟


الصين الشعبية بمنظور أطلسينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كان من معالم الحرب الباردة أيضا سعي الولايات المتحدة الأميركية لموازنة بدايات الانفراج الغربي عبر ما عرف بمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا مع موسكو والدول الأوروبية الشرقية، فخطت خطوة موازية وحاسمة (في السبعينيات) باتجاه الانفتاح على الصين الشعبية أيضا التي كانت على خصومة شديدة مع الاتحاد السوفياتي، ويُستبعد أن تكون المنطلقات الأميركية قد وضعت في حسابها آنذاك صعود الصين السريع نسبيا إلى مستوى قطب اقتصادي دولي بقدرات عسكرية متنامية.

الموقع الجديد للصين الشعبية عالميا، وقدراتها الاقتصادية التي اخترقت الأسواق التقليدية للغرب خارج حدوده وداخلها، والطاقات العسكرية المتنامية، جميع ذلك يرجح في الأصل أن تكون هي العدو المستقبلي المحتمل للحلف.

وعليه فإن الخطر الصيني بالمنطق الإستراتيجي هو الخطر المستقبلي على الغرب، وبالتالي على حلفه الأطلسي، لأن قدرات الصين الذاتية مع وحدة أراضيها يمكن أن تضع حداً لهيمنة الغرب على العالم.
أما الخطر الروسي فهو نسبي وظرفي، ولهذا تتجه العلاقات الغربية الروسية عموماً نحو المزيد من التعاون والتكامل، علاوة على أن روسيا قوة تقليدية مثلها مثل القوى الغربية بمنظور موازين القوى العالمية. أما الصين فتنتمي إلى جيل جديد من القوى، إذ تزداد قوتها دون أن تظهر لها طموحات إستراتيجية أو أن تطرح بدائل للمنظومة القيمية (الديمقراطية والليبرالية) الغربية.
الجدير بالذكر أن رؤية الصين عدوّاً إستراتيجياً بعيد المدى للغرب بزعامته الأميركية على مدى القرن الواحد والعشرين وربما أبعد من ذلك، لا تنفي أنها ما زالت من الناحية الواقعية بعيدة المنال عن إمكانيات وقدرات الحلف الحالية والمستقبلية، ما لم ينضم إلى عضويته كل من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا في وقت لاحق، أو في إطار ما يسمى الشراكة المباشرة، بالإضافة إلى دول مختارة من منطقة جنوب شرق آسيا، المتميزة بعلاقات قوية (مع الولايات المتحدة وأوروبا) بهدف الإحاطة الإستراتيجية بالصين وإحكام الطوق عليها من الشرق والجنوب، وإضعاف خياراتها الإستراتيجية مستقبلا.

إنما حتى في حال تحقيق ذلك ستبقى اعتبارات إستراتيجية أخرى حاسمة في تقدير موازين المواجهة المحتملة، فحسم المواجهات المباشرة لا ينفصل في المدارس الإستراتيجية الحديثة عن تقدير موازين القوى غير العسكرية أيضا، والعنصر الحاسم هنا هو أن الصين لا تسعى ولا تفسح المجال لمواجهة بقوى عسكرية غير متكافئة توظف فيها قدراتها الاقتصادية أثناء المواجهة، بل هي توظف هذه القدرات "استباقيا" في مواجهة "ناعمة" على الساحة العالمية، مما يمكن أن يصبح لاحقا سندا كبيرا إذا وقعت مواجهة عسكرية ما.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس