نشر فروم مقاله في أوج الحرب الباردة بين الولايات المتحدة
والاتحاد السوفياتي، حين تراكمت أعداد الرؤوس النووية على الجانبين وتزايدت التهديدات باندلاع حرب عالمية ثالثة، الأمر الذي دفعه للتصريح بأن البشرية لو كُتب عليها أن تفنيَ نفسها عبر حرب نووية، فسيكون السبب في ذلك وجود أشخاص عازمين على الانصياع الأعمى لأوامر السلطة، حتى عندما يأمرونهم بالضغط على أزرار الدمار.
على مدار السنوات التي تلت الحرب، تعرضت السردية الأميركية لانتقادات لاذعة، وقد فندها المؤرخون والقادة العسكريون (وبعضهم في الولايات المتحدة نفسها) الذين شككوا في جدوى القصف قائلين إنه لم يكن ضروريًا لإنهاء الحرب، وبالتالي لا يمكن اعتباره مبررًا أخلاقيًا.
على سبيل المثال، أكد القائد البحري الأدميرال إرنست جوزيف كينغ، أن حصار اليابان جويًا وبحريًا كان كافيًا لإجبارها على الاستسلام، فاليابان كانت قد هُزمت بالفعل قبل الهجوم، ووصل أسطولها وسلاحها الجوي إلى أضعف حالاته.
كما أشار الأدميرال ويليام إف بول هالسي، أحد أشهر قادة البحرية الأميركية، أن القنبلة الذرية بالنسبة للعلماء كانت مجرد لعبة جديدة أرادوا تجريبها. وقد امتلك الأدميرال وليام دي ليهي، الجرأة الكافية لأن يصف المعايير الأخلاقية لاستخدام القنبلة النووية في هيروشيما بأنها بلغت مرحلة متدنية أشبه بتلك التي كانت سائدة عند برابرة عصور الظلام.
أشارت العديد من الأدلة التاريخية الحاسمة في دار المحفوظات الأميركية واليابانية إلى أن الرئيس ترومان وغيره من صناع السياسات في الولايات المتحدة، كانوا على دراية تامة بأن اليابانيين مستعدون للاستسلام قبل إسقاط القنبلة الذرية، وذلك إذا مُنحوا شروطًا جيدة أهمها عدمُ المساس بالإمبراطور أو محاكمته وإعدامه، وذلك نظرًا للمكانة الكبيرة التي يتمتع بها في المجتمع الياباني، وبالفعل عرض اليابانيون على الاتحاد السوفياتي التدخل للوساطة مع دول الحلفاء في يوليو/تموز 1945، وهو ما يدحض الحجة الرئيسية التي استخدمت في تبرير استخدام القنابل الذرية.
بل إن وزير الخارجية السوفياتي الأسبق فياتشيسلاف مولوتوف، ذهب إلى أبعد من ذلك في تصريحاته، إذ قال إن قصف هيروشيما وناغازاكي -مع أنه يبدو موجهًا إلى اليابان- كان في حقيقة الأمر موجهًا ضد الاتحاد السوفياتي بهدف إظهار القوة الأميركية وإرساء القواعد الجديدة لعالم ما بعد الحرب، وهو أمر تناوله أيضا المؤرخ غار ألبيروفيتز في كتابه الصادر عام 1965 بعنوان "الدبلوماسية الذرية"، مشيرا إلى أن قرار إلقاء القنبلة الذرية بهدف الإنهاء الفوري للحرب جاء لتجنب التدخل السوفياتي الواسع في منطقة الشرق الأقصى، كما حدث في دول أوروبا الوسطى والشرقية.