حرب تصريحات أميركية صينية "مفاجئة" بشأن تايوان

[الباسل]

جبهة توتر أخرى إلى جانب أوكرانيا.. حرب تصريحات أميركية صينية "مفاجئة" بشأن تايوان

من بين العديد من أسباب توتر العلاقات الثنائية بين بكين وواشنطن -كالحرب التجارية، ونزاع بحر جنوب الصين، وقمع حقوق الإنسان في هونغ كونغ، والتعاون المتزايد للصين مع إيران وروسيا، والهجمات السيبرانية- وصف سفير صيني تايوان بأنها "أكبر مصدر للصراع بين الدولتين".

مناورة عسكرية في هسينشو وسط تايوان، حيث تعزز الولايات المتحدة قدرات تايبيه العسكرية في مواجهة بكين (رويترز)


2/2/2022

واشنطن- أصدر السفير الصيني لدى واشنطن تحذيرا قال فيه إن بلاده قد تضطر لمواجهة "صراعا عسكريا" مع الولايات المتحدة في المستقبل بسبب تايوان.
وفى أول مقابلة صحفية له منذ توليه مهام منصبه في يوليو/تموز الماضي، اتهم السفير تشين تشانغ -في حديث للإذاعة الوطنية الأميركية- تايوان بالسير في الطريق نحو الاستقلال.

وأضاف السفير المعروف بقربه من الرئيس الصيني شي جين بينغ "إذا واصلت السلطات التايوانية التي تشجعها الولايات المتحدة السير على طريق الاستقلال فمن المحتمل أن تنزلق الصين والولايات المتحدة -وهما الدولتان الكبيرتان في عالم اليوم- إلى صراع عسكري".
وجاءت تصريحات السفير الصيني في وقت تركز فيه دوائر صانعي القرار الأميركي بصورة كبيرة مع أزمة أوكرانيا.
واعتُبرت التصريحات مباشرة بشكل غير عادي، وتختلف في صراحتها عما صدر في السابق عن المسؤولين الصينيين، والذين دأبوا على استخدام عبارات فضفاضة عامة على سبيل "واشنطن تلعب بالنار".

السفير الصيني لدى واشنطن حذر من الانزلاق إلى صراع عسكري بين بلاده والولايات المتحدة بسبب تايوان (رويترز)


"مهمة تاريخية"

وقبل أيام حلّقت 39 طائرة عسكرية صينية بالقرب من تايوان، في أحدث سلسلة من استعراض القوة الصينية. وشهدت الأشهر الأخيرة إرسال بكين مئات الطائرات العسكرية بشكل متكرر إلى منطقة الدفاع الجوي المحاذية للمجال الجوي لتايوان.
وفي هذه القضية، يؤكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه سيُكمل "المهمة التاريخية" المتمثلة في إعادة توحيد الجزيرة مع الصين، "بالطرق السلمية". إلا أنه لم يستبعد، في وقت سابق، القيام بعمل عسكري.
ولا تجمع معاهدة دفاع مشتركة رسميا بين الولايات المتحدة وتايوان بشكل يتطلب دفاع واشنطن عن الجزيرة حال تعرضها للغزو، إلا أنه يُعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي حيال أي تحرك صيني عسكري لضم تايوان.

أعلنت وزارة الدفاع التايوانية قبل شهور أن الصين أرسلت 27 طائرة حربية إلى مجالها الجوي (مواقع التواصل)


مصدر الصراع الأكبر

ومن بين العديد من أسباب توتر العلاقات الثنائية بين بكين وواشنطن -كالحرب التجارية، ونزاع بحر جنوب الصين، وقمع حقوق الإنسان في هونغ كونغ، والتعاون المتزايد للصين مع إيران وروسيا، والهجمات السيبرانية- وصف السفير الصيني تايوان بأنها "أكبر مصدر للصراع بين الدولتين".
وتسعى بكين منذ عقود إلى ضم تايوان، ولم تتخلّ عن استخدام القوة لتحقيق هذا الهدف، في وقت تعلن فيه الولايات المتحدة أنها "تتوقع تسوية الأمر سلميا".
وسيُمثل أي هجوم صيني على تايوان اختبارا عسيرا للقوة الأميركية وهيمنتها الدبلوماسية والعسكرية. ومنذ 1979، اعترفت الولايات المتحدة رسميا بجمهورية الصين الشعبية التي يديرها الشيوعيون، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية الرسمية مع تايوان، لكنها احتفظت بعلاقات قوية ومتينة معها.

كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي: الصين تشكل تهديدا للولايات المتحدة أكبر من روسيا (الأوروبية)


أخطر من روسيا

وعلى الرغم من أن موسكو تصدرت عناوين الصحف بسبب استخدامها المعروف للهجمات السيبرانية (الإلكترونية)، أكد كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي (FBI) أن الصين تشكل تهديدا للولايات المتحدة أكبر من روسيا بسبب انتشارها وقدراتها الاقتصادية العالمية. مضيفا أن بكين أطلقت العنان لبرنامج قرصنة "أكبر من برامج كل الدول الأخرى مجتمعة".
وأتهم راي الصين بسرقة الأفكار والابتكارات الأميركية وشن عمليات قرصنة واسعة النطاق. وقال إن التهديد الذي تتعرض الولايات المتحدة والغرب من الحكومة الصينية "أكثر وقاحة وضررا" من أي وقت مضى.
وجاءت تصريحات راي في خطاب له أمام حشد من الخبراء في مكتبة ريغان الرئاسية بولاية كاليفورنيا، واعتبُرت بمثابة توبيخ لاذع للحكومة الصينية قبل أيام قليلة من بدء استضافتها لدورة الألعاب الشتوية.
وفي الوقت الذي يستعد فيه الرياضيون الأميركيون للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، طلب مكتب التحقيقات الفدرالي هذا الأسبوع من الرياضيين الأميركيين وفرقهم الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي أثناء تواجدهم في الصين خوفا من تسرب تكتيكات التجسس الإلكتروني الصينية إليهم.
وطالبت "إف بي آي" من الرياضيين الأميركيين ترك هواتفهم المحمولة الشخصية في منازلهم واستخدام هاتف مؤقت أثناء مشاركتهم في دورة الألعاب الشتوية.
وأوضح راي أنه حتى مع استمرار تركيز السياسة الخارجية الأميركية على تهديدات روسيا لأوكرانيا، لا تزال واشنطن تعتبر الصين أكبر تهديد للأمن الاقتصادي والقومي على المدى الطويل.
وأكد راي أن مكتبه "يحقق في أكثر من ألفي محاولة سرقة لمعلوماتنا أو تكنولوجيتنا من الصين، ولا يوجد بلد يمثل تهديدا أوسع لأفكارنا وابتكارنا وأمننا الاقتصادي من الصين".
وقال راي إن المكتب يفتح قضايا جديدة لمواجهة عمليات المخابرات الصينية كل 12 ساعة، حيث يقوم قراصنة الحكومة الصينية بسرقة بيانات شخصية وأخرى لشركات أميركية، أكثر مما تحاول بقية دول العالم مجتمعة سرقته.

سرقة معلومات تطوير اللقاحات

وقال مسؤول مكتب التحقيقات الفدرالي "لقد تحدثت كثيرا عن هذا التهديد منذ أن أصبحت مديرا للإف بي آي في 2021". وكرر اتهاماته بسبب ما وصفه بوصول التهديدات الصينية "إلى مستوى جديد أكثر وقاحة وأكثر ضررا، من أي وقت مضى".
واستدعى راي حادثة اتهام وزارة العدل في عام 2014 لـ5 ضباط عسكريين صينيين باختراق الشركات الأميركية الكبرى. وبعد عام واحد، أعلنت الولايات المتحدة والصين عن اتفاق في البيت الأبيض لعدم سرقة الملكية الفكرية أو الأسرار التجارية لبعضهما البعض.
ولكن في السنوات التي تلت ذلك، واصلت الولايات المتحدة توجيه الاتهامات ضد الصين فيما يتعلق بالقرصنة والتجسس.
وأستشهد راي بقيام قراصنة صينيين باستهداف شركات تطوير لقاحات فيروس كورونا المستجد، إضافة لشن هجوم رقمي واسع النطاق على خوادم شركة "مايكروسوفت" (Microsoft).
وأشار كذلك إلى قضية ضابط استخبارات صيني أُدين بالتجسس الاقتصادي لاستهداف محرك متقدم تنتجه شركة "جنرال إلكتريك" (General Electric)‏، وترغب الصين في تصنيع نسخة منه.

المصدر : الجزيرة نت - محمد المنشاوي