
صراعات مدمرة
في تعليل مفارقة التدهور المؤسسي المبكر والمطرد للدولة المملوكية من نقطة الأوج -التي راكمت عندها تلك المنجزات الحضارية التي تناولنا معالمها آنفا- إلى درك السقوط المريع؛ تجدر بنا العودة قليلا إلى لحظات الميلاد والتأسيس التي حملت في طياتها محفزات ذلك التدهور بذورا وجذورا.
لقد ورثت الدولةُ المملوكية الأولى تقاليدَ الحكم التي أرستها الدولةُ الأيوبية المتأسسةُ على أنقاض الدولة الفاطمية في كل من مصر والشام، وأحيت ما كان انْدَرَس من معالم مشروع الإحياء السُّني الكبير الذي قاده الزنكيون والسلاطين الأيوبيون الأولون، قبل أن يعصف باطراد إنجازاته المختلفة صراعُ ورثتهم على السلطة.
كانت كل دولة من الدول الثلاث تلتزم بما هو ثابت في هذا المشروع العظيم، وتحاول أن تتكيف مع المتغيرات المطلوبة وفقا للقلقشندي: "فلما مَلَكَ السلطانُ صلاحُ الدين.. الديارَ المصرية جرى على هذا المنهج أو ما قاربه، وجاءت الدولة التركية (= المماليك) وقد تنقحت المملكة وترتبت، فأخذت في الزيادة في تحسين الترتيب وتنضيد الملك وقيام أبهته، ونقلت عن كل مملكة أحسن ما فيها، فسلكت سبيله ونسجت على منواله حتى تهذبت وترتبت أحسن ترتيب وفاقت سائر الممالك"!!
لقد أدى ذلك الإتقان للتراتيب الإدارية في الدولة المملوكية -الذي بفضله "فاقت سائر الممالك"- إلى بزوغ عصر العظمة في تاريخها، رغم أنه يمكننا القول إن نظام الحكم في هذه الدولة كان قائما -منذ نشأتها- على شرعية التغلب بالقوة العارية، والشرعيةُ الواقعيةُ فيه إنما هي للمتغلبين من قادة المؤسسة العسكرية المملوكية، الذين ما فتئوا "متنافسين في الملك حتى يغلب واحد منهم الآخرَ فيقتله ويقتل سلطانَه...، وينصّب آخر منهم مكانَه"؛ وفقا لابن خلدون.
فطوال عصر دولة المماليك (648–923هـ/1250-1517م) ظلت السلطة على جُرُفٍ هارٍ من القوة والصراع، وترسخت ظاهرة الانقلابات العسكرية في الحياة السياسية المملوكية بأعنف نماذجها، وذلك بالقبض على السلاطين الضعفاء وسجنهم وقتلهم. وهو الصراع الذي تلخص فداحتَه حقيقةُ أن نحو نسبة 24% فقط من سلاطين المماليك -بطائفتيْهم البحرية والبرجية (عددهم زهاء 50 سلطانا)- توفوا وفاة طبيعية وهم في الحكم، بينما نجد أن نحو 75% منهم انتهى حكمهم بالقتل أو العزل!!
ولعل اطراد هذه الظاهرة -في الدولة المملوكية- إنما بدأ في عهد السلطان بَيْبَرْس الجاشْنَكِير (ت 709هـ/1309م)، فقد بالغ في اضطهاده للسلطان الناصر محمد بن قلاوون في سلطنة الأخير الثانية (698–708هـ/1299-1308م)، حتى إنه اضطره إلى الخروج من مصر إلى الكَرَك -التي تقع اليوم جنوبي الأردن- يشتكي إلى الأمراء الموالين له في الشام ما "كان فيه من ضيق اليد وقلة الحُرمة، وأنه لأجل هذا ترك مُلك مصر وقَنِع بالإقامة في الكرَك"؛ حسبما يذكره المقريزي في ‘السلوك لمعرفة دول الملوك‘.
أعلن بَيْبَرْس الجاشْنَكِير -بتأييد من أمراء المماليك بمصر- توليه السلطنة، لكن الناصر قلاوون عاد -بعد أقل من سنة- مسنودا بدعم عارم من أمراء الشام، فدخل مصر وقبض على الجاشْنَكِير فأودعه في سجن البرج الكبير بقلعة الجبل في القاهرة. ويصف المؤرخ ابن تَغْري بَرْدي -في ‘النجوم الزاهرة‘- لحظات نهاية السلطان الجاشْنَكِير -وهو مخلوع مودَع في السجن- قائلا: "جاء السلطانُ الملك الناصرُ [إلى السجن] فخنق [بَيْبَرْس] بين يديه بـِوَتَرِ [قوْسٍ] حتى كاد يتلف، ثم سيَّبه حتى أفاق وعنّفه وزاد في شتمه، ثم خنقه ثانيا حتى مات"، فكان ثأره منه تعذيبًا وقتلا!!
ولئن قـَتل الناصرُ قلاوونَ خصمَه الجاشْنَكِير؛ فإن المصير ذاته آل إليه بعض أولاد الناصر ممن تولوا السلطنة بعد وفاته سنة 741هـ/1340م، وأولهم السلطان المنصور أبو بكر بن محمـد بن قلاوون (ت 742هـ/1341م)، فقد ارتقى المنصور هذا سدة العرش بوصية من أبيه عند وفاته، ولكن حكمه لم يطُل نظرا لصغر سنه إذ كان في العشرين من عمره، ولتنازع الأمراء من حوله واستخدامهم له في الصراع على النفوذ والإقطاع.
ثم إن المنصور هذا لم يكن مرْضي السيرة؛ إذْ كان منهمِكا في "اللهو وشرب الخمور وسماع الملاهي، فشق ذلك على الأمير قوصون (الساقي الناصري المتوفى 742هـ/1341م) وغيره لأنه لم يُعْهَد مِن مَلِك قبْلَه شُربُ خمرٍ"؛ كما يقول المقريزي (ت 845هـ/1442م) في كتابه ‘السلوك لمعرفة دول الملوك‘.
حاصر الأميرُ قوصون الناصري -الذي كان حينها أحدَ كبار الأمراء ومدبرَ الدولة بوصية من الناصر قلاوون- السلطانَ المنصور في قلعة الجبل بالقاهرة، ولما أيقن الجميع بقوة قوصون ومساندة الأمراء له صدر القرار بنفي المنصور إلى مدينة قوص في صعيد مصر تحت "الترسيم" أي الحراسة المشددة، وبعد مدة قليلة صدر قرار التخلص منه وهو في سجنه.
ويقول ابن تَغْري بَرْدي -في ‘النجوم الزاهرة‘- إن المنصور "دَسَّ عليه قوصون [الأميرَ] عبد المؤمن متوليّ قوص؛ فقتله [بمقرّ إقامته الجبرية] وحمل رأسه إلى قوصون سرّا..، وكتموا ذلك عن الناس". وكان هدف قوصون من ذلك القضاء على منافسه السلطان المخلوع مخافة أن يرجع إلى عرشه من جديد!
واللافت أن قوصون -الذي صار مدبرَ أمر السلطنة وقائد الجيش فيها- عَيّن طفلا صغيرًا من أطفال الناصر قلاوون اسمه كُجُك (ت 746هـ/1345م) سلطانا، وصار يلقب بـ"الأشرف" وهو لا يزال في السابعة من عُمره، وبذلك أضحى الأمير قوصون السلطان الحقيقي للبلاد فـ"سَكَنَ بدار النيابة التي بالقلعة، وتصرّف في أمور المملكة بما يختار"؛ وفقا لتعبير ابن إياس الحنفي في ‘بدائع الزهور‘.
وقد عبر أحد شعراء مصر حينها -كما يرويه ابن تَغْري بَرْدي في ‘النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة’- عن هذا الواقع المضحك المبكي بقوله:
سلطانـُنا اليومَ طفلٌ والأكــابرُ في ** خـُلْفٍ، وبينَهم الشيطانُ قد نَزَغا
فكيف يَطمع مَن تــغْشيه مَظلمةٌ ** أنْ يَبلُغَ السُّؤْلَ والسلطانُ ما بَلَغا؟!
وبعد تمكنه من السلطة؛ عمل قوصون على إقصاء واضطهاد منافسيه من كبار الأمراء والقبض عليهم، ولذلك قرروا الانتقام منه فحاصروه في القلعة وقبضوا عليه وأرسلوه إلى سجن الإسكندرية شمالي مصر. ويقول ابن تَغْري بَرْدي إن قوصون "استمرّ.. بسِجن الإسكندرية.. حتى حضر الملك الناصر أحمد [ابن قلاوون (ت 745هـ/1344م)] من الكَرَك، وجلس على كرسي المُلك بقلعة الجبل…، واتّفق آراء الأمراء على قتل قوصون فجهّزوا لقتله [الأمير الشامي] شهاب الدين أحمد بن صُبح (الكردي المتوفى بعد 759هـ/1358م) إلى الإسكندريّة فتوجّه إليها وخنق قوصون [في سجنه]" حتى مات.
وبمقتله على تلك الحالة؛ شرب قوصون من كأس الاغتيال التي سقى منها غيره، كما شرب منها بعده الناصر أحمد حين عزله المماليك ونصبوا مكانه السلطان الصالح إسماعيل ابن قلاوون (ت 746هـ/1345م)، الذي جند جيوشا لمحاصرته بالكرك سنتين فقبضوا عليه وسجنوه، ثم أرسل من احتزّ له رأسه هناك وجاء به إليه وهو في القاهرة!
بل إن السلطان الأشرف كُجُك -وهو ذلك الطفل الذي وافق اسمُه مسمّاه (كُجُك küçük بالتركية معناها: صغير) فلم يكن يدرك ولا يعلم ما يجري حوله!- قرر الأمراء الكبار خلعه، فعزلوه ووضعوه تحت الإقامة الجبرية في "الدُّور السلطانية تحت كنف والدته، وهو ووالدته في ذُلّ وصَغار وهوان" داخل قلعة الجبل، وظل بها حتى قرر السلطان الكامل شعبان (ت 747هـ/1346م) التخلص منه بعد أربع سنوات من تلك الإقامة الجبرية.
ويقول المقريزي -في كتابه ‘السلوك لمعرفة دول الملوك‘- إن كُجُك مات "عن اثنتي عشرة سنة، واتُّهِم السلطان [الكامل] [بـ]ـأنه بعث مَن قتله في مضجعه على يد أربعة خُدّام"!! ولم يكن التخلص من هذا السلطان المخلوع -وهو لم يبلغ الحُلم- إلا خوفًا على العرش!! وبعد التخلص من كُجُك تعاقب على العرش المملوكي 11 سلطانا من أبناء وحفدة الناصر محمد قلاوون، أي إنه إثر وفاة الأخير تولى السلطنة 13 سلطانا طوال 23 سنة، بمعدل نحو سنة ونصف لسلطنة كل منهم!! 
انتكاسة تربوية
ورغم ذلك الاضطراب والتدافع المتسارع على قمة هرم السلطة أواخر "دولة المماليك البحرية"؛ فإن مظاهر ضعف الدولة المملوكية -الذي بدأت علائمه تتقوّى مع مطلع القرن التاسع الهجري/الـ15م- لم تبرز حقيقة إلا مع وصول أول السلاطين الجراكسة -وهو الظاهر برقوق- إلى سدة الحُكم في رمضان سنة 784هـ/1382م، لاسيما بعد أن جددت وفاتُه فتحَ بابِ الصراع الدموي على العرش بين أقوياء أمراء المماليك.
فبانقضاء عهد سلاطين المماليك الأولين؛ لم تتعمق فحسب ظاهرةُ الصراع على السلطة والانقلابات العسكرية، بل بدأ الانحلال يدبّ في أوصال الدولة المملوكية مع التراخي في تطبيق النظام التأهيلي للطبقة العسكرية الحاكمة عسكريا وأخلاقيا.
وإذا كان المقريزي قد رصد بدقة أسباب قوة "المماليك البحرية"؛ فإنه لاحظ أيضا -وهو الذي عاش في كنف حكم "المماليك البحرية" عشرين سنة و"المماليك الجراكسة" ستين سنة- تدهورَ الأوضاع في عصر الأخيرين، وذلك بدايةً من مطلع القرن التاسع الهجري/الـ15م مع انتهاء حكم السلطان الجركسي الأول الظاهر برقوق بوفاته سنة 801هـ/1399م.
ويؤكد المقريزي أن السلطان برقوق قد التزم بالقواعد العسكرية والتربوية التي وضعها سلاطين المماليك البحرية، مثل سيف الدين قطز (ت 658هـ/1260م) والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون وابنه الناصر محمد بن قلاوون وغيرهم، لكن الصراع الأهلي الذي وقع بين الأتراك (القِفْجاق) والجراكسة في حدود سنة 791هـ/1392م -في محاولة من المماليك البحرية لاستعادة مجدهم وسلطتهم باءت بالفشل بعد أشهر قليلة- جعل برقوق يعودُ إلى السلطنة، وقد قضى على خصومه نهائيا متخذا قرارات مغايرة لقواعد تدبير الدولة المملوكية الأولى (المماليك البحرية).
ويورد المقريزي أهم تلك التغييرات السلوكية؛ فيقول إن السلطان برقوق "رخَّص للمماليك في سكنى القاهرة، وفي التزوّج؛ فنزلوا من الطباق (= الثكنات) من القلعة ونكحوا نساء أهل المدينة، وأخلدوا إلى البطالة، ونسوا تلك العوائد (= القواعد الأولى)، ثم تلاشت الأحوال في أيام الناصر فرج بن برقوق (ت 815هـ/1412م)، وانقطعت الرواتب من اللحوم وغيرها حتى عن مماليك الطباق مع قلة عددهم، ورتَّب لكلّ واحد منهم في اليوم مبلغَ عشرة دراهم من الفلوس (= عملة نحاسية)، فصار غذاؤهم في الغالب الفول المصلوق (= المسلوق) عجزا عن شراء اللحم وغيره".
لقد تهاون الظاهر برقوق إذن مع العساكر المماليك بإنزالهم من ثكنات القلعة قبل فترة التخرج من تكوينهم العسكري، واختلاطهم بعامة الناس في القاهرة، والسماح لهم بالتزوج قبل التأهل الحربي المطلوب، وكان هدفه من ذلك تحقيق مصلحته الشخصية السياسية بإبعاد أي توتر أو ثورة داخل مقر الحكم في قلعة الجبل، ولا شك أن برقوق قد نجح في مسعاه؛ إذ استقر عرشه وبقي سُلطانا حتى وفاته في سنة 801هـ/1399م، بل وسلّم السلطنة لابنه غير المؤهل السلطان الناصر فرج.
كان انتقال الحكم المملوكي إلى السلطان الناصر فرج بن برقوق كارثة كبرى في مسيرة المماليك ودولتهم تواصلت طوال حكمه الذي استغرق 14 سنة؛ فعدا عن تنازله شبه التام عن الصرامة العسكرية والرقابة الإدارية اللازمة لتماسك دعامة الدولة واستمرارها القائمة على "الجلب" أو "الأجلاب"، وهم صغار المماليك "المجلوبون" من جهة القوقاز، لأنهم جراكسة نظرا للعصبية المملوكية، لكن الناصر فرج فوق ذلك صنع أغرب شيء رآه المقريزي!
لقد تخلى الناصر فرج عن جلب المماليك الصغار في عمر السادسة والسابعة حسبما دأبت عليه دولة المماليك البحرية، بل وقع أسوأ من هذا عندما فرط في معايير التجنيد الصارمة في صفوف الجيش وقوات الأمن.
فقد سمح الناصر فرج -حسب المقريزي- بجلب كلِّ "ملّاحِ سفينة، ووقادٍ في تنّور خبّاز، ومحوّل ماء في غيط أشجار ونحو ذلك، واستقرّ رأي الناصر على أن تسليم المماليك للفقيه (= المربي/المعلم) يُتلفهم، بل يُتركون وشؤونهم، فبُدّلت الأرض غير الأرض، وصارت المماليك السلطانية أرذل الناس وأدناهم وأخسهم قدرا، وأشحهم نفسا، وأجهلهم بأمر الدنيا، وأكثرهم إعراضا عن الدين، ما فيهم إلّا من هو أزنى من قرد، وألصّ من فأرة، وأفسد من ذئب، لا جَرَمَ (= لا عَجَبَ) أن خربت أرض مصر والشام، من حيث يصب النيل إلى مجرى الفرات، بسوء إيالة (= سياسة) الحكام، وشدّة عبث الولاة، وسوء تصرّف أولي الأمر، حتى إنه ما من شَهْر [يمرّ] إلّا ويظهر من الخلل العام ما لا يتدارك فرطه"!!
بل إن المؤرخ ابن تَغْري بَرْدي -وهو نجل أحد أمراء المماليك- يرى أن التفريط في معايير التجنيد الصارمة في صفوف الجيش المملوكي -الذي بدأ مع الظاهر برقوق وترسخ في عهد ابنه الناصر فرج- أنتج سلسلة من السلاطين لا اهتمام لهم بالجهاد والإعداد للدفاع عن حوزة البلاد، حتى إنهم لم يُسجَّل لهم قتال في حرب ذات بال طوال قرنهم الأخير؛ فقال -في ‘النجوم الزاهرة‘- مقارنا عهدهم بعهد السلاطين السابقين عليهم في الدولة المملوكية الأولى، وخاصة في أيام المنصور قلاوون:
"كان بهم (= مماليك قلاوون) منفعة للمسلمين، ومضرة للمشركين، وقيامهم في الغزوات معروف، وشرهم عن الرعية مكفوف. بخلاف زماننا هذا؛ فإنه مع قلّتهم وضعف بنيتهم وعدم شجاعتهم، شرهم في الرعية معروف، ونفعهم عن الناس مكفوف؛ هذا مع عدم التجاريد (= الحملات العسكرية) والتقاء الخوارج (= المهاجمين من الداخل الإسلامي) وقلة الغزوات (= للجوار الأوروبي)، فإنه لم يقع في هذا القرن -وهو القرن التاسع [الهجري/الـ15م]- لقاء مع [عدو] خارجي غير وقعة تيمور (= الإمبراطور المغولي تيمورلنك المتوفى 807هـ/1405م)، وافتضحوا منه غاية الفضيحة، وسلموا البلاد والعباد وتسحّب أكثرهم من غير قتال!
وأما الغزوات فأعظم ما وقع في هذا القرن فتح قبرص، وكان النصر فيها من الله سبحانه وتعالى: انكسر صاحبها وأخِذ من جماعة يسيرة تلقاهم بعض عساكره؛ خذلان من الله تعالى! وقع ذلك كله قبل وصول غالب عسكر المسلمين! وأما غير ذلك من الغزوات فسفر في البحر ذهابا وإيابا...؛ وهذا شيء معروف لا يُشاحُّ فيه أحد"!!
ولقد ذاق الناصرُ فرج ما جنته يداه من إهمال المنهج التكويني المعياري للمماليك الذين هم عماد السلطة؛ فقد انقلب عليه أمراؤه في بلاد الشام، وسعى بعضهم إلى الاستقلال عن مركز الدولة في مصر، حتى دخلت البلاد فيما يشبه الحرب الأهلية بين السلطان ومؤيديه، وبين معارضيه ومحاربيه في الشام.
يتبع...