ما زالت الفصائل المسلحة في العراق تحافظ حتى الحين على حيادها الفعلي في الصراع بين إيران وإسرائيل، وهو ما ينسجم مع موقف الحكومة الرسمي الذي اكتفى بالإدانة والتنديد مثل بقية الدول العربية والإسلامية، لكن ليس معروفا بشكل دقيق موقف تلك الفصائل إذا اندلعت حرب جديدة وكانت ضراوتها أشد ونطاقها أوسع.
ويُقرأ من بعض التصريحات والبيانات، أنها قد تكون طرفا في أي نزاع جديد محتمل، ففي أغسطس/آب الماضي أصدر الأمين العام لكتائب حزب الله العراقي أبو حسين الحمداوي بيانا تحدث فيه عن الاستعداد لما سماه مقاومة المحتلين وردع المعتدين.
ويلاحظ أن تصريحات الحمدواي صدرت بعد زيارة قام بها رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى العراق ولبنان، وخاصة أنه يتمتع بسلطة في تحديد إستراتيجيات إيران للمواجهة المرتقبة.
وتتعزز فرضية تدخل الجماعات المسلحة العراقية في الحرب المرتقبة بتصريحات لرئيس مجلس الشورى الإيراني
محمد باقر قاليباف، قال فيها إن الرد الإيراني في أي مواجهة محتملة سيشمل ميادين ومجالات جديدة.
وليس من المستبعد دخول الفصائل المسلحة العراقية في مواجهات إقليمية محتملة، إذ تتمتع بقدرات هائلة ليس من المناسب أن تبقى معطلة ومن دون فاعلية.
ويمتلك الحشد الشعبي إمكانات بشرية ضخمة بلغت نحو 240 ألف مقاتل، وميزانية حكومية سنوية ارتفعت إلى 3.4 مليارات دولار خلال العام 2024، وهو يتوزع على عشرات الفصائل، وينتشر في معظم أنحاء العراق.
كما يمتلك الحشد أسلحة متطورة، ومن بين ذلك أسلحة أميركية منها دبابات ومدرعات، لكن ما يسترعي الانتباه هو نمط الأسلحة التي يمكن استخدامها في ضرب أهداف بعيدة، وتحديدًا الصواريخ والطائرات المسيرة.
وفي حال مشاركة جماعات "محور المقاومة" إلى جانب إيران في الحرب المقبلة، فلن تكون أدوارها سواء في العراق أو لبنان أو اليمن معروفة، لكن يمكن توقع أن يكون دور الفصائل العراقية متعلقا بالقواعد الأميركية في عموم المنطقة بما فيها دول الخليج، ولن يكون مستبعدًا أيضًا في حال تعرضت المواقع النفطية والاقتصادية الإيرانية إلى هجمات أن ترُدَّ الفصائل العراقية بضربات مماثلة تستهدف المواقع النفطية في منطقة الخليج.
مثل هذا الهجوم لن يكون مستبعدا في حال بلغت الحرب المحتملة حدودا "وجودية" لا مجال بعدها للعودة، فحينها، كما قال رئيس مجلس الشورى الإيراني، سيكون لضبط النفس حدود، وستستخدم إيران كل قدراتها واستثمارها الطويل والمكلف في المنطقة ومن بينها القوى المسلحة في العراق، وعند هذا الخيار سيكون مصير الوضع السياسي والميداني في العراق متعلقا بنتيجة الحرب وتداعياتها.