وتشتهر سراييفو خلافا لمدن البلقان الأخرى بجسورها التاريخية القديمة التي تمثل معالم سياحية هامة يقصدها السياح من كافة أرجاء المعمورة.
ووفقا للمصادر التاريخية، فإن المدينة شهدت بناء 13 جسرا فوق نهر ميلتسكا الذي يربط بين طرفيها خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، ومع مرور السنين وتعرض المدينة للفيضانات الجارفة والحروب دُمِّرَت خمسة من تلك الجسور وانقرضت وأصبحت أثرا بعد عين.
ومن معالم المدينة "الحي النمساوي" الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1878، حينما قدم الاستعمار النمساوي إلى البوسنة حيث أخذ يدخل إدارته تدريجيا لتحل محل الحكم العثماني الذي اختفى نهائيا.
وخلال هذه الفترة، أدخل النمساويون المترو إلى سراييفو عام 1885 في إطار التحديث الذي شهدته مؤسسات المدينة.
الحروب
يعرف العالم عاصمة البوسنة بكونها المكان الذي الذي أطلق فيه يوم 28 يونيو/حزيران 1914 الشاب الصربي البوسني القومي غافريلو برانسيب رصاصتين على ولي عهد
النمسا شيدوق فرانسوا فرديناند وزوجته صوفي، وكان ذلك السبب المباشر في اندلاع
الحرب العالمية الأولى.
وكانت هذه الحرب التي بدأت أوروبية وانتهت عالمية، من أعنف صراعات التاريخ، واستمرت أكثر من أربع سنوات، وبلغت خسائرها البشرية نحو تسعة ملايين قتيل، ومهدت لتغييرات سياسية كبيرة، وكانت وراء ثورات في دول عديدة.
وفي محطة أخرى تعرضت سراييفو خلال حرب البوسنة لحصار شديد من طرف الجيش اليوغسلافي الذي سيطر على مطار المدينة يوم 5 أبريل/نيسان 1992، واستمر الحصار 1460 يوما، وكان أطول حصار مفروض على مدينة في التاريخ الحديث.
وارتكب الصرب وحشية كبيرة في سراييفو، وتشير التقديرات إلى أن ما بين 480 و500 ألف قذيفة أطلقت على المدينة. وأطلقت الصواريخ على المدينة بمعدل 329 صاروخا يوميا.
وقتل أثناء الحصار 11 ألفا و541 شخصا، من بينهم 1601 طفل، وقدر عدد الجرحى بـ50 ألفا من مختلف الأعمار، كما تضرر 100 ألف منزل.
وارتكبت مجازر في المدينة بينها اثنتان في سوق ماركالا أسفرتا عن مقتل 105 أشخاص وإصابة أكثر من 230 شخصا بجراح. كما استهدف المستشفى الرئيسي في سراييفو أثناء الحصار بـ298 صاروخا، مما أدى لمقتل 49 من العاملين في الطاقم الطبي.
ونتيجة لتلك الوحشية، انخفض عدد سكان سراييفو من 520 ألف نسمة قبل الحرب إلى 349 ألفا.
وانتهى الحصار على سراييفو يوم 29 فبراير/شباط 1996 بعيد توقيع
اتفاقية دايتونللسلام.
وقد نص الاتفاق على محافظة جمهورية البوسنة والهرسك على حدودها التي كانت قائمة أيام الاتحاد اليوغسلافي، لكنه أقام بالمقابل كيانا مزدوجا مكونا من جمهورية للصرب وكيان ثان موحد للكروات والمسلمين.
وخلفت الحرب تأثيرات كارثية في اقتصاد المدينة، حيث دمرت معظم الصناعات بشكل نهائي، كما دمرت البنية التحتية الأساسية.
بعد الحرب
انتعشت الحياة في سراييفو بعد انتهاء الحرب، وشهدت تطورا في مختلف المجالات، ثقافيا واقتصاديا، حيث فتحت بها على سبيل المثال مدارس وجامعات يؤمها الطلبة من كل أنحاء العالم.
كما شهدت تطورًا في شبكة المواصلات والاتصالات، وتطورت الخدمات الصحية والاجتماعية.
وباتت المدينة تحتوي على مجموعة من المزارات التي يقبل عليها السائحون، ففي المدينة القديمة تجد المساجد التي يرتفع فيها الأذان.
وأصبح "نفق الحياة" -ويسمى أيضا بوابة سراييفو- الذي حفر خلال حصار سراييفو، مزارا سياحيا يروي فصولا من أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ
الحرب العالمية الثانية.