عام على البريكست.. لماذا يُعدّ الجيش البريطاني أكبر المستفيدين

[الباسل]

عام على البريكست.. لماذا يُعدّ الجيش البريطاني أكبر المستفيدين

يعزز الجيش البريطاني أسطوله الجوي بالعشرات من طائرات "إف-35" (F-35) الأميركية، إضافة إلى دخول حاملة الطائرات "الملكة إليزابيث" الخدمة، وهي تعد أكبر حاملة طائرات بريطانية وأكثرها تطورا، والأولى التي تعبر قناة السويس منذ العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956.

جنود من القوات الخاصة البريطانية يشاركون في مناورة عسكرية (شترستوك)

29/12/2021

لندن- يعيش الجيش البريطاني حالة من التغيير الجذري في سياساته وتوجهاته الدفاعية، وأيضا في تجديد ترسانته العسكرية، والزيادة غير المسبوقة في ميزانية الدفاع. ومباشرة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، أعلنت حكومة بوريس جونسون خطة سمّتها "المراجعة الشاملة" للسياسة الدفاعية والخارجية في أفق سنة 2030.
وبعد سنة من البريكست، ظهر أن الجيش البريطاني هو من أكبر المستفيدين من الوضع الجديد للبلاد، بارتفاع ميزانيته بشكل غير مسبوق جعلت من المملكة المتحدة الدولة الأوروبية الأكثر إنفاقا على التسلح.


توقيع اتفاقية التعاون النووي البحرية بين بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (الفرنسية)


من هم الأعداء؟

تحدد وثيقة "المراجعة الشاملة" للسياسة الدفاعية -المكونة من 100 صفحة- أخطر التهديدات التي تواجه المملكة المتحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها الصين وروسيا.
وتعد الوثيقة بقيام الجيش البريطاني بتحركات أكبر لمواجهة التحدي الذي تشكله الصين على البلاد والغرب عموما، وذلك من خلال التوجه نحو المحيط الهندي والحضور فيه بشكل أكبر.
أما عن روسيا، فإنها باتت في عرف السياسة الدفاعية البريطانية "الخطر الأكثر إلحاحا" على أمن البلاد. ولعل هذا ما يفسر تصريحات القادة العسكريين البريطانيين عن اقتراب نشوب مواجهة مع روسيا.
أما عن بقية التهديدات، فهي الهجمات الإرهابية والحروب الإلكترونية، التي يحذر التقرير من أنها تحتاج إلى ميزانيات أضخم لمواكبة التطور العالمي، خاصة أن بريطانيا تواجه كل يوم 60 هجوما إلكترونيا معقّدا يستهدف المصالح الحكومية والمواقع الحساسة.

الميزانية الأضخم

أغدقت حكومة جونسون العطاء على الجيش مباشرة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، بإعلانها زيادة في ميزانية الدفاع تقدر بنحو 23 مليار دولار بحلول سنة 2025، وهي أعلى زيادة في الإنفاق العسكري في تاريخ البلاد.
وباتت بريطانيا حاليا الدولة الأوروبية الأكثر إنفاقا على الجيش، وذلك بعد سنوات من تقليص ميزانية الدفاع؛ ففي الفترة ما بين 2010 و2017 تراجعت ميزانية الدفاع بأكثر من 7.5 مليارات دولار.
ومنذ عام 2017، بدأت هذه الميزانية في الارتفاع بمعدل 3,5 مليارات دولار، إلا أن الزيادة التي أقرتها الحكومة بعد البريكست هي الأكبر، وستجعل من الميزانية السنوية للدفاع حوالي 53 مليار دولار سنويا.

صورة نشرتها البحرية الملكية البريطانية لواحدة من أكبر الغواصات النووية في العالم (الصحافة الأجنبية)


الردع النووي

بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، أراد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تأكيد أن بلاده استعادت قرارها السياسي والعسكري؛ فأعلن تخليها عن الالتزام بخفض عدد رؤوسها النووية، بل إنها ستقوم بزيادتها.
وتمتلك بريطانيا 195 رأسا نوويا جاهزة للإطلاق وموزعة على مناطق مختلفة في العالم بحرا وبرا، وكان المخطط السابق هو تقليص العدد ليصل إلى 180 رأسا نوويا، إلا أن الخروج من الاتحاد غير قواعد اللعبة.
وتعتزم الحكومة البريطانية رفع عدد رؤوسها النووية الجاهزة للإطلاق إلى 260 رأسا نوويا، إلا أن وزارة الدفاع أعلنت أنها لن تقوم بإعلان المزيد من التفاصيل عن ترسانتها النووية، "تاركة الأمر لتقدير الأعداء".

مناورات للجيش البريطاني باستخدام التقنية الرقمية (غيتي)


جنود أقل

من بين الخطوات الأكثر غرابة التي أعلنت عنها وزارة الدفاع البريطانية هي تقليص أعداد الجنود في صفوفها، وهي الخطوة التي لاقت انتقادات واسعة تحت مبرر أن قوة الجيش تكمن في أعداد الجنود لديه.
وسيتم تقليص عدد جنود الجيش البريطاني بأكثر من 10 آلاف بحلول سنة 2025، لينخفض العدد من 82 ألف جندي إلى 72 ألفا خلال السنوات الأربع المقبلة، وهو أقل عدد يصل إليه تعداد الجنود البريطانيين منذ عام 1714.
وتبرر وزارة الدفاع هذا القرار بتوجيه اهتمامها نحو الجنود الآليين والطائرات المسيرة، أكثر من إرسال الجنود على الأرض. في المقابل، تقول صحيفة "غارديان" (Guardian) إن الوزارة تجد صعوبة في توظيف الجنود، بعد تراجع الإقبال على الجيش وارتفاع نسبة الاستقالات فيه.

الجندي الآلي

فعلا، كشف الجيش البريطاني عن مخططه للجندي الآلي، الذي يفترض أن يشكل ثلث الجيش البريطاني بحلول العام 2030.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن هذا الجندي سيحمل سلاحين رشاشين، وأجهزة تحكم عن بعد، وأجهزة رصد دقيقة وشديدة الحساسية ما زالت تحت الاختبار، وسيكون في مقدمة الصفوف في حالات اقتحام المباني، وكذلك في حرب العصابات التي تعتبر أخطر حرب على أي جيش.

صورة لحاملة طائرات بريطانية (وزارة الدفاع البريطانية)


أسلحة جديدة

يتخلص الجيش البريطاني حاليا من الكثير من قطعه العسكرية القديمة، حيث سيتم التخلص من 90 دبابة، و24 طائرة من طراز "تيفون" القديمة، كما تم إخراج فرقاطتين بحريتين من الخدمة.
في المقابل، يعزز الجيش البريطاني أسطوله الجوي بالعشرات من طائرات "إف-35" (F-35) الأميركية، إضافة إلى دخول حاملة الطائرات "الملكة إليزابيث" الخدمة، وهي تعد أكبر حاملة طائرات بريطانية وأكثرها تطورا، والأولى التي تعبر قناة السويس منذ العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956.

ما بعد الشرق الأوسط

يقوم الجيش البريطاني حاليا بتحركين أساسيين يظهران المناطق التي تسترعي اهتمامه، أولهما البحر الأسود، لمواجهة النفوذ الروسي المتنامي هناك، الذي أدى إلى نشوب مناوشة طفيفة بين البحرية الملكية والبحرية الروسية.
أما التحرك الثاني، فجاء في الاتفاق الأمني الثلاثي بين أميركا وأستراليا والمملكة المتحدة القاضي بتحريك الغواصات النووية الأميركية والبريطانية في المحيطين الهادي والهندي، لمواجهة النفوذ الصيني، مما يعني انتقال الثقل العسكري البريطاني نحو الشرق الأقصى عوض الشرق الأوسط.

المصدر : الجزيرة نت - أيوب الريمي